مرّت 43 عاما على الزلزال الذي هزّ ولاية شلف سنة 1980، و20 سنة أخرى على زلزال بومرداس سنة 2003.. حادثتان تسببتا في صدمات على مستوى الذاكرة الجماعية. كما تابع الجزائريون الزلزال الأخير المدمر الذي ضرب كل من تركيا وسوريا، وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل كيف ممكن أن نتهيأ إلى أي طارئ؟ وكذا إنجاز بنى تحتية تمكننا من مواجهة المخاطر الكبرى، وإرساء جاهزية للتعامل مع مثل هذه الكوارث الطبيعية.
من الطبيعي أنه كلما عادت الزلزال إلى البروز على غرار الزلزال الأخير في سوريا وتركيا، يتساءل العام والخاص عن كيفية الإعداد والتحضير من أجل صد مثل هذه الكوارث الطبيعية من خلال بنى قاعدية قوّية.
ومن أجل الحصول على أجوبة علمية وواقعية، اتصلت “الشعب” برئيس نادي المخاطر الكبرى البروفيسور عبد الكريم شلغوم، الذي أوضح أن المنطقتين، التركية والسورية، كانتا دائمتي التعرض لنشاط زلزالي مكثف، بسبب مواجهة الصفائح التكوينية الثلاث المنزلقة، المتمثلة في الصفيحة الأناضولية والإفريقية والعربية، حيث تسبب تمزق قطعة على مستوى صدع جنوب شرق الأناضول، في حدوث هذا الزلزال الكبير الذي بلغت قوته 7.8 درجة على مقياس ريشتر، والذي يقع مركزه على عمق 15 مترًا، ومن هنا جاءت الطبيعة المدمرة لهذه الظاهرة، حيث أكدت ملاحظة المباني المنهارة والأعمال الفنية، أن البنى التحتية للإنشاءات المقاومة للزلازل غير موجودة في الموقع.
ودعا البروفيسور شلغوم، إلى تفعيل مجموعة قوانين الزلازل، عبر القيام بعملية تحيينها، وتبني أسلوب الانتقاء والتمحيص لمخططات استخدامات الأراضي (POS) وفق دراسة تأخذ بعين الاعتبار تأثير المخاطر المتكبدة.
وكشف البروفيسور، أن الاستجابة السريعة للمخاطر الزلزالية، تتطلب ملاءمة الإطار القانوني الذي يحكم المباني يسمح بواجهة أي تهديد زلزالي، وصرامة بعض الإدارات في تطبيق اللوائح من حيث الامتثال لمعايير البناء المقاومة للزلازل. ملحا في سياق متصل على أهمية تطبيق القانون 04-20، المتعلق بإدارة المخاطر الكبرى من ناحية.
وفيما يتعلق بتجريم البناءات المغشوشة، يرى المتحدث أنه سيكون من الضروري أولاً تحسين وتحديث قانون تخطيط المدن و DTRSs المتعلقة بجميع المهن. باعتباره النقص الرئيسي المسجل في مجال البناء بشكل عام.
وفي ذات السياق، يقول البروفيسور شلغوم، أن القانون 04-20 في 25 ديسمبر 2004، بقي مجمدًا، لعدم احتوائه على نصوص تنفيذية مما جعل من الممكن تنفيذ إنشاءات ضخمة عبر أراضي محاذية للتصدعات الزلزالية، كالوديان، والمنشآت البتروكيماوية المجاورة. إلا أنه قد أسديت تعليمات لتطوير تدابير حماية هذه البنى التحتية من المخاطر المصاحبة التي تحدث في هذه المناطق.
كما شدد رئيس نادي المخاطر الكبرى، على ضرورة تطوير شبكة الساحل الجزائري بأكمله من الشرق إلى الغرب، من خلال خريطة زلزالية محينة، تتضمن جميع المعايير الفنية الجديدة المسجلة خلال الهزات المتوسطة إلى القوية. حيث تم إجراء العديد من الدراسات على مناطق محدودة كمسودة أولى. وأكد على أن المباني القديمة تمثل أولوية الأولويات في إستراتيجية الوقاية من المخاطر الزلزالية وتوقعها. ولم يخف أنه من الضروري البدء في عملية إجراء خبرات دقيقة ومفصلة لهذا النسيج الحضري والتي ستؤدي إلى استنتاجات واضحة حول مرونته.
يذكر أنه بإمكان الجزائر التي تملك خبرة معتبرة في هذا المجال، التحضير الجيد لأي طارئ قد يحدث بصورة مفاجئة، انطلاقا من مسار طويل سجلت فيه تجربة ثرية، يمكن على ضوئها أن تحصن مدنها.