قال المدير العام للجمارك، نور الدين خالدي، في حوار حصري لـ”الشعب الاقتصادي”، إنّ الظّروف الاستثنائية التي فرضها تفشّي وباء كورونا “كوفيد-19” أثّرت إلى حدّ ما على حركية التبادلات التجارية والبضائع عبر العالم.
سجّل انخفاض معتبر لفاتورة الاستيراد بأزيد من سبعة (07) مليار دولار خلال العشرة أشهر الأولى من سنة 2020 مقارنة بالفترة نفسها من السنة الفارطة، كاشفا أنّ قيمة التحصيلات التي قامت بها إدارة الجمارك خلال العشر أشهر الأولى من نفس السنة قد بلغت 63.844 مليار دينار، بانخفاض بلغ 4.10 % مقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة.
وفي اللّقاء تطرّق نور الدين خالدي إلى ملفات عديدة تثير الكثير من التساؤلات فيما يتعلّق بسلك الجمارك، وملف تضخيم الفواتير والتوظيف ومشاكل التجارة الإلكترونية.
الشعب الاقتصادي: في ظل الظّروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة فيروس كورونا في الجزائر كما في كل العالم، أقرّت إدارة الجمارك إجراءات استثنائية تتعلّق بجمركة المواد الصيدلانية والمستلزمات الطبية. ما هي هذه التدابير؟ وما الغرض منها؟
المدير العام للجمارك نور الدين خالدي: في بادئ الأمر وتنفيذا لتعليمات السّلطات العليا الرامية إلى تسهيل إجراءات جمركة المنتجات الموجّهة لمكافحة تفشي وباء كورونا “كوفيد-19″، أقرّت إدارة الجمارك حزمة من الإجراءات الجمركية لهذا الغرض، ومنها تحديد قائمة محدّدة ببنودها التعريفية للمنتجات والأجهزة والمستلزمات المستعملة في إطار الوقاية ومكافحة هذا الوباء، المعنية بإجراءات تسهيلية عند الجمركة تتمثّل في رفع هذه البضائع فور وصولها إلى مكاتب الجمارك مع تأجيل الإجراءات المتعلّقة بإعداد التّصريح الجمركي، ودفع الحقوق والرسوم المرتبطة بها إلى وقت لاحق. هذا الإجراء تمّ تفعيله مباشرة بعد الإعلان الرسمي عن الوباء نهاية شهر مارس 2020. للإشارة، تمّ استخلاص هذه القائمة من قائمة أعدّت من طرف المنظّمة العالمية للجمارك بالتنسيق مع المنظمة العالمية للصحة لذات الغرض.
من جهة أخرى، تمّت عملية تحيين لهذه القائمة من طرف اللجنة العلمية لمتابعة تطور وباء فيروس كورونا وفقا لأحكام المرسوم التنفيذي رقم 20-109 المؤرخ في 05 ماي 2020، المتعلق بالتدابير الاستثنائية الموجّهة لتسهيل تموين السوق الوطنية بالمواد الصيدلانية والمستلزمات الطبية وتجهيزات الكشف لمجابهة وباء فيروس كورونا “كوفيد-19”.
كذلك بموجب المادة 36 من قانون المالية التكميلي لسنة 2020، تمّ إقرار الإعفاء المؤقّت من الحقوق الجمركية والرسم على القيمة المضافة للمنتجات الصيدلانية والمستلزمات الطبية ومعدات لوازم وقطع الغيار لهذه المعدات، المحدّد وفقا للمرسوم التنفيذي السالف الذكر.
جميع هذه التدابير المتعلّقة بتسهيل جمركة هذه المنتجات وإعفائها من الحقوق والرسوم، تمّت برمجتها في نظام الجمركة الآلي (SIGAD) لضمان تجسيدها ميدانيا وآليا.
وفي إطار مواصلة المجهودات المبذولة من طرف إدارة الجمارك، في مجال تسهيل المبادلات التجارية من خلال مرافقة المتعاملين الاقتصاديين في عملياتهم الخاصة بالاستيراد والتصدير، تمّ تبني إجراء جديد يتمثّل في طلب معلومات حول التصنيف التعريفي لبضائعهم قبل التصريح بها لدى الجمارك.
هذا الإجراء الجديد الذي دخل حيّز التطبيق منذ الفاتح من مارس 2020، يسمح للمتعاملين الاقتصاديّين الرّاغبين في تحسين استراتيجيتهم التّجارية وتأمين عملياتهم وتجنّب الخلافات مع مصالح الجمارك، بالحصول على قرارات مسبقة تتضمّن معلومات تعريفية ملزمة حول بضائعهم، تحدّد من خلالها المعاملة التي ستخصّصها إدارة الجمارك للبضائع، من حيث التّصنيف التّعريفي ووقت الجمركة.
أقررتم إجراءات خاصة تتعلّق بالخروج المستعجل من التراب الوطني بالنسبة للأجانب. ما هي الشّروط التي تمّ إقرارها لهذا الغرض؟ وكيف كانت الاستجابة لها؟
جملة من الإجراءات الجمركية الاستثنائية أقرّتها المديرية العامة للجمارك الجزائرية بصفة استباقية للاستجابة المثلى للظروف الاستثنائية التي فرضها تفشي الوباء، والتي تؤطّرها لجنة وطنية مؤهّلة نصّبت على المستوى المركزي.
في هذا الإطار تمّ إقرار إجراءات استثنائية من طرف إدارة الجمارك لتأطير وتسهيل عملية خروج المغتربين والأجانب وفقا لما يلي:
– السّماح بتمديد آجال صلاحية سندات عبور السيارات على اعتبار الجائحة تعد حالة قوّة قاهرة.
– السّماح للمستفيدين من سندات العبور المكتتبة لدى مصالحنا من مغادرة التراب الوطني مع استيفاء إجراء وضع السيارة في حالة إيداع لدى الجمارك (cale sur mise).
– وضع إجراءات تسوية جمركية استثنائية للسيارات المستفيدة من نظام القبول المؤقت أو التي استفادت من سند العبور، أو العالقة في الجزائر أو السيارات ذات الترقيم الجزائري العالقة خارج التراب الوطني، بسبب تعليق حركة النقل في إطار مجابهة وباء “كوفيد-19”.
سمحت هذه الإجراءات المتّخذة من طرف إدارة الجمارك بالتكفل بانشغالات جاليتنا الجزائرية، وكذا الأشخاص العالقين بسب هذه الجائحة، وذلك من خلال التكفل بمركباتهم وتسهيل عملية مغادرتهم للتراب الوطني مع مراعاة الشروط القانونية والتنظيمية.
تجنّدت مختلف المصالح الجمركية بغرض تأطير أمثل لكل الحالات التي يمكن أن ترد بإجراءات جمركية مخصّصة على غرار آخر عمليات إعادة تصدير إلى الخارج لسيارات جاليتنا بالمهجر والتي تمّ إجلاؤها، وكذا إعادة استيراد السيارات ذات الترقيم الجزائري، والتي كانت عالقة بالخارج جرّاء غلق الحدود نظرا للقوّة القاهرة التي فرضها تفشي الوباء.
تأطير هذه الإجراءات الاستثنائية رافقتها هيكلة منظمة لآليات الرقابة الجمركية، والتي من شأنها أن تحبط أي محاولة غش أو تهريب أو أي جريمة من شأنها أن تمس بصحة وسلامة مواطنينا، وكذا الإضرار بالاقتصاد الوطني.
فكان تدخّل مختلف أعوان الجمارك المرابطين في المستوى، وهذا بتسجيل عمليات نوعية مكّنت من إجهاض محاولات إخراج للعملة الأجنبية بطرق غير شرعية، وكذا محاولات إغراق السوق الداخلية بالمخدرات الصلبة وأقراص مهلوسة ومؤثّرات عقلية، مخاطرين بذلك بحياتهم في ظل هذه الظروف الصحية الصعبة.
مع هذه الظّروف كيف تتعامل مصالح الجمارك تجاه المتعاملين الاقتصاديّين النّاشطين في استيراد المواد الغذائية لضمان التّموين الأنسب للسّوق الوطنية؟
في ظل الجهود المبذولة لتموين السوق الوطنية بالمواد الغذائية، والمحافظة على استقرار المخزون الاستراتيجي لهذه المواد، ساهمت إدارة الجمارك بمرافقة المتعاملين الاقتصاديّين النّاشطين في هذا المجال من خلال تسريع جمركة هذا النوع من البضائع المستوردة ورفعها في أقرب الآجال.
وكإجراء مرافق لتدعيم وسائل حماية المخزون الاستراتيجي خاصة من الأغذية الضّرورية، وكذا شريحة كبيرة من الأدوية والمستلزمات الطبية، وتطبيقا لقرار السلطات العليا القاضي بالتعليق المؤقّت لعمليات التصدير لهذه البضائع، أسدت إدارة الجمارك لمختلف مصالحها تعليمات للتقيد بما تمّ إقراره في هذا الشّأن، مع ضرورة مرافقة هذا الإجراء والإجراءات التسهيلية المذكورة أعلاه برقابة جمركية قائمة على نظام تسيير المخاطر والمراقبة اللاحقة.
مع نهاية 2020 تكون الجمارك الجزائرية قد ضبطت حصيلتها المتعلقة بإنشاء المحجوزات. هل يمكن الاطّلاع على تلك الإحصائيات؟
بالفعل، سجّلت إدارة الجمارك عبر النشاط المكثّف لمصالحها المختصة وفرقها العملياتية في الميدان، نتائج جد إيجابية مجسّدة لدورها المحوري في مكافحة الغش والتهريب والجريمة الاقتصادية بكل أنواعها، حماية للاقتصاد الوطني، حتى في خضم الظروف الاستثنائية التي فرضها تفشي وباء كورونا.
في إطار مكافحة التهريب والجريمة المنظمة، سجّلت مصالح الجمارك 2527 عملية حجز مختلفة عبر التراب الوطني، والتي سمحت بإحباط عمليات تهريب لكميات عديدة من البضائع الحسّاسة، على غرار الأسلحة والذخيرة، المخدرات الصلبة، مؤثرات عقلية ومهلوسات، التبغ، الوقود، مفرقعات، مشروبات كحولية، ملابس، مواد غذائية وغيرها، كما تمّ إحصاء 2680 مخالف، وهذا خلال الفترة الممتدة من شهر جانفي إلى نوفمبر من سنة 2020.
للإشارة، هذه العمليات النوعية التي سجّلتها الجمارك الجزائرية مكّنت من حجز وسائل النقل المستعملة في عمليات التهريب متمثلة في 446 سيارة، 42 شاحنة، جرّارين، مقطورتين، 07 دراجات نارية، حيث بلغت قيمة المحجوزات 6.908.963.906 دج، وقدّرت الغرامات المالية المستحقّة بـ 32.199.207.489 دج.
كما عمدت الفرق العملياتية للجمارك بالتنسيق التام مع مختلف المصالح الأمنية للسهر الدائم على تجسيد دورها الحمائي والرقابي لمعاينة كل الجرائم الجمركية بالنظر لخصوصيتها وتبعاتها السلبية على الاقتصاد الوطني.
وفي الجانب المنازعاتي على العموم، سجّلت مصالح الجمارك الجزائرية 12.201 قضية، انجرّت عنها غرامات بلغت 81.802.742.552,30 دج خلال التسعة أشهر الأولى لسنة 2020، أي بزيادة قدرت بـ 40 % مقارنة بالفترة نفسها لسنة 2019.
وماذا عن إحصائيات التّجارة الخارجية التي تكون قد تضرّرت كثيرا في ظل أزمة كورونا، خاصة بفعل إجراءات منع تصدير عديد المواد؟
إنّ الظّروف الاستثنائية التي فرضها تفشي وباء كورونا أثّرت إلى حد ما على حركية المبادلات التجارية والبضائع عبر العالم، حيث سجّل انخفاض معتبر لفاتورة الاستيراد بأزيد من سبعة (07) مليار دولار خلال العشرة أشهر الأولى من سنة 2020 مقارنة بالفترة نفسها من السنة الفارطة.
تجدر الإشارة أيضا، إلى أنّ مصالح الجمارك الجزائرية وضعت حيز التنفيذ مقاربة ميدانية لتعزيز وتشديد إجراءات الرقابة الجمركية الناجعة والمؤسسة على تسيير المخاطر لمجابهة فعلية لظاهرة تضخيم الفواتير وردع مخالفات الصرف.
فيما يخص تعليق تصدير بعض المواد هو إجراء مؤقت يهدف إلى ضمان حماية المخزون الاستراتيجي للسوق الوطنية، وتلبية متطلبات الاحتياجات الداخلية في ظل الظروف الصعبة التي فرضتها هذه الجائحة، والتي تجنّدت لها مختلف مصالح الجمارك العملياتية للسهر على تنفيذها ميدانيا خلال كل هذه الفترة.
يطرح ملف التوظيف الكثير من التساؤلات من قبل المواطنين. هل سيتم فتح مناصب مالية جديدة في القطاع هذه السنة؟ وكم عددها؟
جهاز الجمارك الجزائرية وعلى غرار باقي المؤسّسات والإدارات العمومية الأخرى كان معنيّا بعملية تجميد التوظيف إلا بترخيص استثنائي من قبل السلطات العليا، وذلك منذ سنة 2015، غير أنه وبالرغم من ذلك تمّ توظيف خلال سنتي 2017 و2018، ما يعادل 690 عون رقابة لفائدة المترشّحين المقيمين بولايات الجنوب بعد الحصول على الموافقة الاستثنائية لتجسيد هذه العملية.
تتشرّف إدارة الجمارك أن تدعّم صفوفها بمنتسبين جدد، وأي إجراء سيتم اتخاذه مستقبلا في هذا الشأن، ستعلن عنه مصالح المديرية العامة للجمارك المختصة عبر موقعها الإلكتروني الرّسمي: www.douane.gov.dz وكذا صفحاتها الرسمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
يسجّل ارتفاع متزايد في حركة الشّراء عبر الإنترنت، ووصول كميات كبيرة من السّلع الموجّهة للبيع إلى السّوق الوطنية، ما هي التدابير المتّخذة في هذا الصدد؟
نظرا لتعليق الرّحلات الجوية كإجراء احترازي لتفشي وباء “كوفيد-19″، لوحظ أنّ عديد المواطنين يعتمدون في اقتناء حاجياتهم على مواقع البيع الالكتروني، والتي يتم توصيلها عبر شركات نقل البريد الدولي السريع إلى الجزائر، حيث قامت إدارة الجمارك بتسهيل عمليات المرور في أقرب الآجال بتسريع وتيرة المعالجة والرقابة، وذلك طبقا للأطر القانونية المحدّدة في هذا المجال من جهة، وكذلك الإعفاءات الجبائية المقرّرة وفق التشريع الجمركي بالنسبة لاستيراد الأشياء ذات الطابع الشخصي، وفقا لما هو منصوص عليه في المادتين 213 و235 من قانون الجمارك.
وسعيا لإحداث مرونة في معالجة هذا النوع من الطرود، تمّ اقتراح إدراج تعديل في المادة 78 من قانون الجمارك في مشروع قانون المالية لسنة 2021، والتي تمكّن شركات نقل البريد السريع من استكمال الإجراءات الجمركية لفائدة زبائنها.
ما هي نسبة تحصيل الإيرادات المسجّلة خلال سنة 2020، وما أهم مصادرها؟ وإلى أي مدى تكون قد تأثّرت بالأزمة الصحية؟
إنّ الوضعية التي فرضها تفشي “كوفيد-19” أثّرت في اقتصاديات دول المعمورة. وفي ظل هذه الظروف، تتجنّد مصالح الجمارك لتجسيد مختلف الآليات التي أقرّتها السلطات العمومية في هذا الصدد، وتدعّم دورها الاستراتيجي لمهمتها الجبائية التقليدية بضمان نجاعة وفعالية التحصيل الجبائي، والسّهر الدائم والمتواصل على تأمين إيرادات وموارد الميزانية وحماية حقوق الخزينة العمومية بما يضمن التكفل الأمثل للاحتياجات.
وعملا بالتدابير الصحية الوقائية لمكافحة انتشار وباء كورونا، علّقت المديرية العامة عمليات البيع بالمزاد العلني حفاظا على صحة وسلامة المشاركين والمزايدين، غير أنّ هذا الإجراء لا يعني بعض الحالات الخاصة بالبضائع سريعة التلف، والتي تباع في مزادات علنية حصرية بمراعاة جميع التدابير الاحترازية.
فبالرغم من ذلك وبالنظر للانخفاض المعتبر في حجم الواردات، الذي فاق نسبة 20 % مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية، بلغت التحصيلات التي قامت بها إدارة الجمارك خلال العشر أشهر الأولى من 2020، مبلغ 844,63 مليار دينار جزائري، مسجّلة بذلك انخفاضا طفيفا بنسبة 4,10% مقارنة بنفس الفترة من سنة 2019، والتي لم تعرف نفس الظروف الصحية الاستثنائية.
من جهة أخرى، سجّلت الحواصل الجمركية والرسم على القيمة المضافة المحصلة خلال الأشهر العشرة الأولى من السنة الماضية، معدلات تنفيذ بلغت على التوالي 95,44 % و84,71 %، والمسطّرة لقانون المالية لسنة 2020. وبهذا تكون مصالح الجمارك الجزائرية ورغم الظروف القاهرة التي فرضها الوباء، قد رفعت التحدي بضمان تأمين تمويل الخزينة العمومية، وبنسبة معتبرة بالنظر لتوقعات قانون المالية لسنة 2020.
كما بذلت في ذلك المديرية العامة مجهودات كبيرة عبر عديد الدورات التقنية مع قابضي الجمارك على مستوى التراب الوطني لتصفية الحسابات، وضخ هذه الموارد لفائدة الخزينة العمومية، وتمكّنت بالتالي من تقليص الفارق في ظل ظروف صحية قاهرة، ضمانا لتأمين التمويل وحفاظا لإيرادات وموارد الميزانية.
يظل تضخيم الفواتير الهم الشاغل لإدارتكم بالنظر إلى مسؤولياتكم في حماية السّوق الوطنية من عمليات الغش والتحايل، هل من تدابير جديدة في هذا السياق؟
مكافحة ظاهرة تضخيم الفواتير وكل جرائم الصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج أولوية من أولويات إدارة الجمارك، بالنظر لحجم الضرر الكبير الذي تلحقه بالاقتصاد الوطني وبكل جوانبه.
وعملا بمكتسبات التجربة العملياتية في الميدان، والتي تقف عليها يوميا مصالح الجمارك، فقد سطّرت المديرية العامة مقاربة خاصة ترتكز على تشديد العمل الرقابي القبلي، الآني والبعدي عند المعالجة الجمركية لمختلف التصاريح الجمركية.
ترتكز هذه المقاربة على هيكلة جديدة تعتمد على تقنيات جمركية لتسيير المخاطر، وتفعيل أمثل وناجع لآليات الرقابة اللاحقة. هذا كله يضاف إلى الميكانيزمات الموضوعة أساسا بربط قاعدة بيانات النظام المعلوماتي للجمارك الجزائرية بقواعد بيانات تمكّن من استغلال والتحقق من قيمة البضائع المصرّح بها. كما أن تشديد آليات الرقابة الجمركية خصوصا في الرقابة القبلية للمعالجة الجمركية، مكّن من تحقيق النجاعة المسطرة وتقليص فارق في التحويلات.
وتنفيذا للتعليمات ذات الصلة، عكفت المديرية العامة على تقديم دراسة تقنية شاملة لهذه الظاهرة الناخرة للاقتصاد الوطني، مرفوقة بجملة من الاقتراحات القانونية والإجرائية، والتي تمكّن من الحد منها ومن آثارها السلبية ضمن إعداد قانون المالية 2021.
إنّ مصالح الجمارك تقف بالمرصاد لهذه الجرائم الخطيرة، حيث قامت وبالرغم من الظروف الاستثنائية التي فرضها الوباء خلال التسعة أشهر الأولى من السنة المنصرمة بتسجيل 427 ملف منازعاتي، انجر عنه غرامات يقدّر بـ 43.572.820.553,12 دج، أي بزيادة 10 % مقارنة بنفس الفترة لسنة 2019، حيث تتمثل قيمة محل الجنحة مبلغ 8.717.362.599,38 دج.
سُجّلت هذه المعاينات سيما في مجال مراقبة عمليات التجارة الخارجية، وفي إطار آليات الرقابة اللاحقة وتمديد التحقيقات الجمركية أو من خلال المعالجة الجمركية للمسافرين، والتي سجّلت انخفاضا بموجب غلق الحدود في إطار مكافحة تفشي الوباء، والتي بالرغم من ذلك، تمكّن أعوان الجمارك في الميدان من حجز مبالغ 281.040 أورو، 21.050 دولار أمريكي و65.170 دينار تونسي، وكذا حجز 780,18 غ من الذهب و2.727,56 غ من الفضة.
وجّهت وزارة المالية توصيات صارمة فيما يتعلق بعصرنة الجمارك، ما هي الإجراءات التي تمّ اتّخاذها في هذا الشأن؟
للمديرية العامة مخطّط استراتيجي طموح، أُسّس بعد تشخيص فعلي، عميق وهيكلي، يُمكّن مصالح الجمارك من تحقيق أهدافها المستقاة من مخطط عمل الحكومة، ويكفل تجسيد توصيات برنامج الانعاش الاقتصادي.
إنّ الدور المحوري للعمل الجمركي في الميدان يشكّل أداة جوهرية للتنمية الإقتصادية، ويُعد رفع مستوى تكوين العنصر البشري وتحسين ظروف عمله ومعيشته وتدعيم جاهزيته وكذا تعزيز آليات أخلاقيات المهنة، أحد أهم ركائزه أيضا.
قطعت الجمارك الجزائرية شوطا مهما في تجربة المعالجة الآلية والمعلوماتية لمختلف الإجراءات، وهذا منذ سنة 1995، وذلك بدخول حيز الخدمة للنظام المعلوماتي والتسيير الآلي للجمارك (SIGAD)، وبالنظر للتقدم والتطور السريعين للتكنولوجيات الحديثة، يتم العمل حاليا حول مشروع رقمنة الجهاز. ويعد أبرز وأهم مشروع للجمارك الجزائرية، تسهر عليه إطارات جمركية بالشراكة مع الوكالة الدولية للجمارك لجمهورية كوريا.
وسيكون لرقمنة كل الإجراءات الجمركية وحتى الإدارية الأثر الايجابي في تجسيد كل التسهيلات الجمركية، وكذا نجاعة الأداء الرقابي بما يكفل تقليص آجال الجمركة والتكلفة اللوجيستية، بما توفره التطبيقات المبرمجة، عبر التنسيق وفق برمجيات تربط كل الشركاء الفاعلين في التجارة الخارجية.
في نفس السياق، فإنّ المديرية العامّة تعمل على مشروع رائد وهو الشباك الجمركي الموحّد الجامع لمختلف المتدخّلين في السلسلة اللوجيستية.