تراهن الحكومة على الديوان الوطني للسقي وصرف المياه الذي تم تأسيسه في 2005 يسهر على تسيير، صيانة واستغلال المحيطات الفلاحية الكبرى وتدعيم السقي.
السبب؟ وقوع الجزائر في منطقة شبه جافة جعلت الموارد المائية قليلة أثرت على وضعية السدود هذه السنة بسبب شح الأمطار وانعكست سلبا على المردود الفلاحي ،
إذ يسير الديوان 37 محيطا نسبيا بمساحة تفوق 24 ألف و700 هكتار منها 199 ألف هكتار قابلة للسقي موزعة عبر خمسة مديريات جهوية وهران، الشلف التي تتربع على ولايات الغرب على نسبة 35%، الجزائر العاصمة، قسنطينة والصحراء. ويسير الديوان حوالي 7246 كلم من شبكات السقي و6960 كلم من شبكة الصرف الفلاحي و28a7 كلم من شبكات الممرات الفلاحية.
واما محطات ضخ المياه فتتكفل المؤسسة بتسيير 75 محطة تضخ 141 متر مكعب/ثا و 79 خزان مائي بسعة إجمالية تفوق 2,5 مليون متر مكعب.
ويستفيد الديوان الوطني للسقي وصرف المياه من المياه السطحية ل34 سدا لسقي المساحات التابعة له، ويستغل المياه الجوفية للآبار الارتوازية والعميقة المتمركزة بوادي ريغ في ورقلة ويحصي 184 بئرا ارتوازيا و50 بئر عميق.
وسجل الديوان مؤخرا عمليتين في إطار توسيع المساحات المسقية الأولى ببسكرة في 15 ألف متر طولي لحفر الآبار تساهم في سقي 1200 هكتار والثانية تتمثل في حفر 30 بئر في بسكرة، الواد ورقلة تزود 4000 هكتار من المساحات الزراعية بالجنوب بمياه السقي. ويشرف الديوان على إنجاز مساحة تبلغ 30 ألف هكتار موزعة عبر مختلف مناطق الوطن.
هاجس الجفاف
أوضح رشيد يحياوي، مدير استغلال المحيطات لدى الديوان الوطني للسقي وصرف المياه، أن الديوان يعتمد على المسطحات المائية للسدود، الآبار الارتوازية والآبار العميقة والمياه المستعملة المصفاة من الديوان الوطني التطهير.
وأكد المتحدث أن الجفاف وكثرة الطلب وشح الأمطار أثروا على حصة الديوان من مياه السدود التي تختلف من سنة إلى أخرى. كما أكد يحياوي ام الجزائر تتأثر بموقعها الجغرافي الشبه جاف إثر سلبا على وضعية السدود التي تعتبر اهم موارد الديوان المائية بعدما تراجعت نسبة امتلائها إلى 45 % بشكل متباين عبر الوطن وهي نسبة ضعيفة لا تلبي الحاجيات المطلوبة.
وكشف يحياوي أن الجهات الوسطى والغربية تعاني من مياه السقي السنوية بعدما تراجعت حصة طلب الديوان إلى 28 % إلى درجة أن سهل متيجة بمناطقه الشرقية، الوسطى والغربية لم يستفد من حصته في السقي ولم تعلن المؤسسة عن أي اكتتاب. بينما شكلت الجهات الشرقية الإستثناء بسبب كميات الأمطار التي تهاطلت وجعلت وضعية الديوان من مياه السقي مريحة باستثتاء سد بونامسة لا تزال حصة الديوان قيد الدراسة. وأكد محدثنا أن شح الأمطار هذه السنة ستجعل تلبية حاجيات طلبات المساحات الزراعية التي تعتمد على السقي صعبة هذا العام.
خسائر بسبب التأخر في للتزود بالمياه
ويعاني الفلاحون من خسائر بسبب التأخر في التزود بالمياه أو حرمانهم منها، فقد أكد رئيس جمعية آفاق سهل الأسنام بولاية البويرة رابح مردود مياه أكبر هاجس يواجهه الفلاح بالمنطقة، إذ يخسر الفلاحون حوالي30 في المائة من منتجاتهم جراء تأخر وصول المياه او حرمانهم منها.
من المسؤول عن توزيع المياه الموجهة للسقي؟
وأكد رشيد يحياوي أن الديوان لا يتحكم في حصص توزيع المياه لكنه يستند إلى قرارات لجنة وزارية تقوم بتوزيع المياه حسب وضعية السدود ويتم تحديد الحصص عبر دراسة وضعية كل سد. كما دعت كارين أمقران عضوة في الديوان الوطني للسقي وصرف المياه الفلاح للاطلاع على صلاحيات الديوان في توزيع المياه التي تستند إلى قرارات لجنة وزارية تشمل حصص قطاعات أخرى كمياه الشروب والمياه الصناعية ومياه الديوان تدرس مع طلبات هذه القطاعات .
وأكدت محدثتنا بأن الحصص المائية الموجهة للديوان والقطاع الفلاحي تحتل المرتبة الثانية بعد المياه الشروب وبأن اللجنة الوزارية تجتمع دوريا بقيادة الأمين العام لوزارة الموارد المائية لضبط كمية المياه الممنوحة وفق معطيات وضعية السدود تتناسب مع استراتيجية الدولة.
بعد المآخذ يكلف الفلاحين مصاريف إضافية
ويعاني بعض الفلاحين من بعد المآخذ المائية عم المساحة المزروعة وهو ما يكلفهم مصاريف إضافية لنقله وهو ما سيستلزم دراسة موارد التربة والمياه قبل إنشاء أي محيط فلاحي لوضع المآخذ المائية في المكان المناسب مسقي حسب يحياوي غير أن تقسيم المستثمرات الفلاحية إلى مجموعات مستقلة عن بعضها تسبب في مشكل المآخذ وهو ما لا يتحمله الديوان.
الاكتتاب لترسيم حصص الفلاح من مياه السقي
وأوضحت امقران أن الديوان يقوم بعملية الاكتتاب بعد تلقيه الرد من الوصاية بشأن حصصه من كل سد على أن يلتزم بمسؤولية عقده مع الفلاحين إلا في حال لم يتحصل على الحصص لأسباب استراتيجية او مناخية لا يفتتح عملية الاكتتاب مثلما يحدث في متيجة ويتم مطالبة الفلاح بتحديد المساحة المزروعة ونوعية المنتوج شريطة أن يلائم مع خطط الديوان والحصص المائية في السدود.
وأكد مدير استغلال المحيطات لدى الديوان الوطني للسقي وصرف المياه أن المساحات المزروعة تخضع لدراسة دقيقة حول نوع التربة وحاجياتها للمياه وبان كل فلاح له الحق في المياه شرط أن تنتمي أرضه لكل محيط تقرر سقيه.
الجفاف أكبر اسباب تراجع الأعمال
وكشف مدير الاستغلال بالديوان الوطني للسقي وصرف المياه أن عدم تلقي الأخير الكميات الكافية من المياه الى تراجع رقم الأعمال السنوي إلى نسبة 55 % مقارنة بالسنة الماضية وهو ما سيؤثر على عملية صيانة الشبكات والمحطات وحتى أجور العمال.
وأشارت امقران إلى تسجيل تراجع في المساحات المسقية وعدم حصول الفلاحين على حصص المياه سقي المعتادة أثر على رقم الأعمال بسبب تأثر تسويق مياه الديوان وعلى مداخيل مبيعات معدات السقي والأسمدة .
وذكرت محدثتنا حملتين يقوم بها الديوان وهما السقي والصيانة وتمر على مرحلتين صيانة ما بعد السقي والثانية وقبله وتسمى بالصيانة الوقائية لكن تراجع المساحات المسقية يجعل تمويل الصيانة يتراجع هو الآخر.
أسعار رمزية ومياه مجانية للفلاحين
وتعتبر أسعار المياه مقننة من الديوان الوطني للسقي وصرف المياه وأحد أوجه الدعم توفره الدولة للفلاح بأسعار رمزية تقدر 2 دج للمحيطات المسقية دون مضخة و2,5 دج للمسقية بالمضخة وهو ما لا يتناسب مع التكاليف المتعلقة بمراحل ربط المساحات المسقية تتراوح تكلفتها بين 8 دج و 12دج للمتر مكعب ما يؤثر على تكاليف الصيانة المتلازمة مع حملة السقي بشكل دوري.
وأوضح مدير الاستغلال في الديوان أن هيئته راسلت الجهة الوصية لمراجعة تسعيرة مياه السقي لكنها لم تتلق الرد. وأضافت المكلفة بالإتصال أن المحيطات المسقية بالمياه المستعملة المصفاة تمنح للفلاحين ومنذ العملية التي شرع فيها الديوان بتلمسان في 2012 لم يدفع الفلاحون فيها دينارا واحدا لغياب مرسوم قانوني يحدد تسعيرة مياه السقي الذي يعتبر مطلب الفلاحون الذي يحتاج لصيانة شبكات التوزيع والربط بمياه السقي من محطات التصفية.
المياه المستعملة المصفاة لسقي آمن لعديد المزروعات
ونظرا للتغيرات المناخية وشح الأمطار ستتوجه الحكومة لاستغلال السقي غير تقليدي الذي يعتبر أبرز الحلول وهو ما ذهب إليه رشيد يحياوي مدير استغلال المحيطات لدى الديوان الوطني للسقي وصرف المياه الذي تساءل عن إهمال المياه المصفاة لسقي منتوجات غير موجهة للاستهلاك النيء.
إذ تشسر٥إحصائيات 2018 إلى ضياع 400 متر مكعب من المياه المصفاة سنويا في الأودية والبحار دون استغلالها في المساحات المسقية في وقت كانت تجربة سقي محيطين مسقيين في وهران تلمسان ناجحة وأعطت ثمارها بعد 10 سنوات.