كشف عبد الحميد حمداني وزير الفلاحة والتنمية الريفية في حوار لـ”الشعب الإقتصادي” عن ورقة الطريق آفاق 2024 الرامية لتطوير القطاع ورفع مساهمته في الاقتصاد الوطني خارج المحروقات.
أكد بأن قاطعه رفع تحدي تصدير 5 مليار دولار بنهاية 2021 بالإرتكاز على جانبين مهمين اولهما تقليص واردات المواد الأولية ذات الإستهلاك الواسع كالقمح، السكر وبودرة الحليب بإنتاج ما يقارب 50 % من قيمة هذه الواردات سيسمح للخزينة بتوفير 2 مليار دولار مع آفاق 2024.
ويكمن الثاني في استحداث هيئة تتكفل بتوسيع المنتجات الفلاحية وتطوير الفلاحة البيولوجية بهدف ترقية الصادرات مع احترام المعايير التقنية اللازمة في المنتجات المصدرة.
وقال وزير الفلاحة “إنا متيقن أن جودة منتجاتنا الفلاحية ستسمح لنا بغزو الأسواق العالمية من بينها الأوربية التي تفرض شروطا مشددة من خلال الإستجابة لجملة من المعايير تفرضها السوق بدءا بتوسيع المنتجات وهذا ما نعمل عليه في خطة 2024 بمنتجات ذات جودة وتطوير الزراعة البيولوجية فماحصيل بلادنا طبيعية المنشأ”.
الفلاحة بنظرة جديدة
ويرى وزير الفلاحة أنه لا بد من النظر إلى الفلاحة كقطاع هيكلي واسترا تيحي ومنح أهمية للبرامج الإستثمارية مع التوظيف الأمثل للإمكانات التكنولوجية والعلمية. وقال الوزير في هذا الصدد ” يجب أن تتغير نظرتنا للقطاع الذي لطالما حصر في حلقة مشاكل إنتاجية ضيقة، الفلاحة أكبر من ذلك، ويجب أن يعرف المتخوفون من الإستثمار ان هذا القطاع استراتيجي بامتياز ومصدر ثروة ونجاح حقيقي. الفلاحة اليوم قطاع يتطور باستمرار ولم بعد كالسابق”.
نحو ترقية، ودعم الاستثمار في الشُعب الاستراتيجية
واستطرد الوزير حمداني وأكد بأن الحكومة تعتمد على سياسات استثمارية تحفيزية غير بيروقراطية تطبيقا لبرنامج رئيس الجمهورية وتبني رؤية استراتيجية في القطاع تحرر الفعل الاستثماري الاقتصادي باعتماد الرقمنة في التسيير وهو ما أدرجته وزارة في ورقة طريق تحدد حاجيات القطاع والعجز المسجل من خلال التركيز على مشاريع كبرى في الجنوب تخص الشعب الاستراتيجية.
ويشمل مخطط الوزارة زراعة الذرة التي تستورد منه الجزائر 4 ملايين طن سنويا بتكلفة 800 مليون دولار وتهدف لبلوغ 50 % من حاجيات البلاد في آفاق 2024 عبر إطلاق عمليات استثمارية.
وتسعى الجزائر إلى تقليص استيرادها للزيوت النباتية التي تكلفها 1,2مليار دولار سنويا من خلال إطلاق استثمارات كبرى لإنتاج الصويا والسلجم الذي خصصت له مساحة زراعية قدرها 3000 هكتار لتحقيق الاكتفاء الذاتي من بذوره مستقبلا و1000 هكتار لإنتاجها علما ان نصف هذه المساحة سيوفر للجزائر ازيد من 100 ألف هكتار من السلجم الزيتي مستقبلا حسب الوزير حمداني وقد باشرت 29 ولاية زراعات تجريبية لإنتاجه.
اما السكر فإن الجزائر تعتمد على خطة انتاجه محليا بواسطة زراعة الشمندر السكري الذي تبلغ نسبة السكر به 17% . ولقد فاقت الزراعات التجريبية في الجنوب كل التوقعات على غرار حقول ورقلة والوادي بتجاوز نسبة السكر في أنواع الشمندر 21% وبلغت أحيانا 24 % وتجاوزت النسب الواجب توافرها لإنتاج السكر في وقت يكلف استيراده الجزائر 1,3 مليون طن سنويا 700 مليون دولار.
استحداث ديوان لتنمية الزراعة الصناعية بالجنوب
وسعيا لتفادي الممارسات القديمة التي عرقلت الاستثمارات الكبيرة، فقد أكد الوزير على استحداث وزارته لديوان لتنمية الزراعة الصناعية بالأراضي الصحراوية يتكفل بمعالجة كل المسائل الإدارية للفلاحين. كما تم إنشاء منصة رقمية كوسيط بين الديوان والمستثمر تتيح له إمكانية تتبع ملفه عن بعد ما سمح له إلى غاية أفريل 2021 باستقبال 40 ملفا استثماريا هي قيد الدراسة تشمل ملفات مقيمين بالخروج.
وقامت وزارة الفلاحة بجرد المساحات القابلة للاستغلال في الجنوب التي تتوفر على الموارد المائية للسقي بالتعاون مع وكالة الفضاء الجزائرية عبر القمر الصناعي “Alsat-1B” وعمليات المسح التي أظهرت توفر ما بين 500 ألف إلى مليون هكتار قابل للاستغلال الفلاحي إضافة إلى أراضي مسترجعة من فلاحين لم يقوموا باستغلالها في إطار دعم الاستثمار في الشعب الاستراتيجية.
وأكد الوزير حمداني تخصيص عقارا فلاحيا في اربعة ولايات بمساحة 136ألف هكتار كمرحلة أولى مع الحرص على تقديم تحفيزات إستثنائية للراغبين في الإستثمار فى الشُعب الاستراتيجية كالقمح بنوعيه، الذرة، السكر والزيوت إضافة لمرافقة الديوان في الحصول على قروض بنكية ترخيص حفر الأبار وأوضح قائلا ” نظمنا ملتقى حضره أرباب العمل والمستثمرون والفلاحون وعرضنا عليهم خطة الإستثمار المسطرة بشرح دور ديوان تنمية الزراعة الصناعية بالأراضي الصحراوية ومنصته الإلكترونية، وعرضنا الشُعب التي يمكن الإستثمار فيها والتسهيلات والتحفيزات التي سيستفيد منها الراغب في الإستثمار . ونأمل أن نرى خلال الأشهر القليلة المقبلة مشاريع مهيكلة في زراعة الذرة، السلجم والشمندر السكري من بين ال40 ملفا مودع في الديوان
سبل تقليص واردات القمح اللين
يعتبر ملف القمح اللين الشغل لوزارة الفلاحة منذ أكتوبر 2020 لدرجة وصفه الوزير بالملعب الصعب وليس بالهين” نظرا لاستيراد الجزائر 6 مليون طن م القمح اللين سنويا اعتبرها الوزير نسبة تفوق حاجيات الجزائر الحقيقية يحتاج لمراجعة ودراسة تعكف وزارته عليها.
وأكد الوزير حمداني أن تقليص الواردات يعبر عبر التخلص من نظام ” الكوطة” التي سمحت لعدة مستثمرين وتجار بالاستفادة من كميات هائلة دون وجه حق عل عاتق الدولة. ودعى إلى سيرورة المراقبة من خلال تطبيق دفتر شروط على المطاحن والمخابز يحدد كيفية الاستفادة من القمح اللين المدعم ما سيقلص نحو 2 مليون طن من الواردات ما يعادل 500 مليون دولار . وقال في هذا السياق ” إيقاف هذه الممارسات يتم من خلال وضع آليات مراقبة دقيقة، وذلك بإحصاء الجهات المخولة قانونا للاستفادة من القمح اللين المدعم وهي المخابز والمطاحن اما الجهات الأخرى فعليها شراء القمح بسعره الحقيقي”.
وانتقد وزير الفلاحة سلوكيات تبذيرية لدى بعض المواطنين برمي الخبز ما يص إلى مليون خبزة سنويا ما يعادل 300 مليون أورو غير عابئين بقيمة القمح اللين داعيا لتظافر جهود الجميع للنجاح في تقليص واردات القمح اللين.
السقي التكميلي لزيادة انتاج الحبوب
وسعيا منها لإنتاج الحبوب وعلى رأسها القمح اللين والصلب، فقد تبنت الوزارة تقنية تكثيف السقي التكميلي بزيادة حجم المساحات المسقية ب 20 الف هكتار سنويا وهو ما مكنها من إنقاذ العديد من المحاصيل التي تأثرت بقلة الأمطار هذه السنة. وسيسمح بتقليص ما بين 100 و200 مليون دولار ورفع الإنتاج من 15 و18 قنطار في الهكتار إلى 40 قنطارا في الهكتار.
لوبيات تريد خلق البلبلة
تتعارض خطط تطوير القطاع الفلاحي وإعادة هيكلته مع مصالح بعض اللوبيات التي تقاوم التغيير على غرار ما حدث في عين الدفلة ومستعانم من أكبر الولايات انتاجا للبطاطا لكنها عرفت ارتفاعا كبيرا في الأسعار رغم وفرة الإنتاج.
وكشف وزير الفلاحة أن بعض الجماعات تتلاعب بالأسعار وخلق نذرة في البذور من خلال شراء البطاطا في الحقول قبل جنيها وعدم إخراجها للأسواق مع الترويج لأشاعات تؤثر على الأسعار ما دفع الوزارة لمنع بيع المحاصيل في الحقول والحرص على توجيهها لأسواق الجملة.
واكد حمداني وفرة الإنتاج هذه السنة مقارنة بالعام الماضي واصفا ما يحدث بعمل منظم ومخطط من جماعات لإحداث البلبلة وضرب القدرة الشرائية للمواطن بعدما تضررت مصالحها. وتساءل الوزير قائلا ” لماذا نشهد هذه الاضطرابات والأسعار التي سجلت في نهاية أفريل 2020 أقل بكثير من نفس الفترة من السنة الجارية؟. فالسبب يعود إلى بذور البطاطا كانت مستوردة بنسبة 100% نهاية أفريل 2020. وتقلصت إلى 50 % هذه السنة وهذا راجع للقرارات السيادية المتخذة والقاضية لتقليص استيراد البطاطا ”
وتنتج الجزائر 450 ألف طن من بذور البطاطا وتستورد 200 ألف طن، ليتقرر هذا العام استيراد 50 % فقط من هذه الكمية تشمل أنواع البذور غير متوفرة في الجزائر.
نحو تعديل قانون التوجيه الفلاحي
وأكد وزير الفلاحة أن خبراء في وزارته يعملون على مراجعة قانون التوجيه الفلاحي بإعادة النظر في بعض مواده، وإنشاء ميثاق للنشاط الفلاحي صالح لمواكبة التحديات والآفاق السياسية والاقتصادية والاستراتيجية للقطاع يمنح نظرة واضحة مهيكلة للمستثمرين.
وأكد الوزير بأنه يجري الإعداد لنص تشريعي جديد ينظم العمل الفلاحي ونشاط الغرف الفلاحية يضاف لقانون التعاونيات الفلاحية المعدل وقيد التنفيذ وتجاوز المركزية في إنشاء وتسيير التعاونيات .
المواطنة الفلاحية
ودعى وزير الفلاحة عبد الحميد حمداني المواطن لدعم تحول الفلاحة إلى قطاع استراتيجي بنظرة اقتصادية لا سياسية بجعل الفلاحة قضية مواطنة. وذلك من خلال عدم الانسياق وراء إشاعات غير بريئة لزعزعة هذا القطاع الإستراتيجي والتخلص من سلوكيات سلبية تحفز المضاربين في مواصلة نشاطاتهم الاحتكارية