بعد سبعة عقود على اكتشاف منجم الحديد الضخم بغار جبيلات بولاية تيندوف جنوب غربي الجزائر، استيقظ هذا العام عملاق مناجم الحديد وسط أحداث ومتغيرات يشهدها الاقتصاد الجزائري والدولي على حد سواء.
حلم الجزائريين وخاصة ساكنة الجنوب الغربي برؤية أحد اكبر المناجم في العالم يشتغل، تحقق هذا السبت، بعد أن أعطى وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب إشارة افتتاح منجم الحديد بغار جبيلات بتيندوف، في مرحلته الأولى التي تمتد من عام 2022 الى 2025، وهي الفترة التي ينتظر ان يتم فيها استخراج 2 إلى 3 مليون طن من خام الحديد.
المنشآت القاعدية المرافقة للمشروع الضخم تتطلب تضافر جهود عدة قطاعات معنية بالتجهيزات المتممة لعمل أحد أكبر مناجم الحديد عبر العالم، خاصة قطاعات النقل، الطاقة، المياه، المالية، البيئة، التهيئة العمرانية، فالمشروع ليس خاصا بقطاع المناجم فقط، بل يتعداه إلى كل القطاعات السالفة الذكر، هكذا أراد وزير الطاقة والمناجم محمد التعبير عن حجم الاستثمار الضخم في منجم الحديد بغار جبيلات ، والذي أعطى إشارة افتتاحه السبت المنصرم، مبرزا “الفوائد الاجتماعية والاقتصادية المنتظر أن تترتب عن المشروع لصالح الجزائر عامة وخاصة على ولاية تيندوف والجنوب الغربي” .
وتنطلق المرحلة الثانية من استغلال المشروع ابتداء من 2026، مباشرة بعد انجاز خط السكة الحديدية، الذي يبرط المنجم بميناء مستغانم، حيث سيتم استغلال المنجم بطاقة كبرى تسمح باستخراج ما بين 40 الى 50 مليون طن سنويا حسب وزير الطاقة والمناجم.
وتداولت أبرز المواقع المحلية والعالمية عبر الشبكة العنكبوتية، خبر افتتاح منجم الحديد بغار جبيلات بالجزائر، مشيدة بجهود الدولة التي استطاعت إيقاظ عملاق نائم على كنز رمادي سيغير ملامح سوق الحديد الدولية، خصوصا وأن ذروة الانتاج يرتقب أن تتزامن وإعادة بعث الاقتصاد العالمي من جديد.
وكان مجلس الوزارء برئاسة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون قد أعطى موافقته على انطلاق المرحلة الأولى من مشروع استغلال منجم الحديد في الثامن من مايو من السنة الجارية، ضمن “مقاربة مدمجة وبشكل تكاملي” مع مختلف المشاريع الصناعية والبنى التحتية المرتبطة به.
وشدّد الوزير عرقاب على أن إشارة افتتاح المنجم هذا الاسبوع هي بمثابة الخطوة الأولى من اجل تجسيد المشروع الضخم، هذا الاخير بإمكانه استغلال احتياطات المنجم التي تقدر بأكثر من 3 مليار طن من خام الحديد، لتلبية الطلب المحلي على مادة الحديد بكل انواعها ومن ثم تصدير الفائض في الانتاج.
مكتب دراسات محلي وشريك أجنبي في الاستثمار
وعلى مدار سبع سنوات من الدراسة والاشغال، التي باشرت فيها من نقطة الصفر المؤسسة الاقتصادية العامة “FERAAL SPA” تمكنت هذه الاخيرة من تقديم دراسة شاملة حول المقدرات الحقيقية بمكمن الحديد بغار جبيلات، والتي تفوق 3 ملايير طن، منها 1.7 مليار طن ضمن المنجم الذي تم افتتاحه هذا الاسبوع.
ووقعت المؤسسة العمومية في 30 من مارس من سنة 2021 على مذكرة تفاهم مع اتحاد الشركات المكون من ثلاث مؤسسات صينية ” MCC، CWE ،Heyday Solar”، لتكون بمثابة أهم الخطوات لتطوير رواسب الحديد بغار جبيلات.
وقال وزير الطاقة والمناجم خلال افتتاح المنجم ان التوصل الى هذه المرحلة جاء بعد عدة سنوات من الأشغال والدراسات التي تم القيام بها في أكبر المخابر العالمية، موضحا انها “مكنت من تحديد المنتجات القابلة للتسويق على المستويين الوطني و الدولي، و منها، مركز الحديد، كريات الحديد وكذا منتجات شبه مصنعة كالبيلات”.
وأوضح تقني من المؤسسة الاقتصادية العمومية “فيرال” في اتصال هاتفي مع جريدة “الشعب”، أن من بين أهم انواع الحديد التي يرتقب استخراجها من المنجم، تلك التي تستعمل في صناعة السكك الحديدية، وهو النوع الذي يتم استيراده حاليا نظرا لعدم توافره في أي من مناجم الحديد حاليا.
دخول المنتوج السوق سيتزامن مع ذروة الطلب
وأشار الخبير الطاقوي مراد برور، في تصريحات لجريدة “الشعب” أن الطلب على الحديد يتماشى والتطور الاقتصادي الحاصل في دول العالم، ومن المنتظر أن يتزامن دخول منتوج الحديد الجزائري السوق الدولية مع ذروة الطلب، داعيا القائمين على المشروع الى توقيع عقود شراكة مع مؤسسات عملاقة في مستوى منجم الحديد الضخم بغار جبيلات الذي تم افتتاحه هذا الأسبوع.
واضاف برور أننا يجب ان نستفيد من الأخطاء السابقة التي وقعت في عقود الشراكة التي تمت في هذا مجال استغلال الحديد والصلب، مشيرا الى أن المؤسسات الدولية الكبرى في عالم الاستثمار في الحديد تتميز بجديّتها، واستعدادها لتقاسم المخاطر مع الشريك الجزائري، إضافة الى جلب التكنولوجيا وتحكمها في سوق الحديد الدولية، وهو ما سيعود بالنفع في تسويق المنتوج الجزائري.