يعيش العالم منذ بداية العام الجديد على وقع التصعيد الحاصل بين موسكو والغرب، على خلفية تهديدات جدية باجتياح أوكرانيا من طرف روسيا التي ترى بالمقابل أن مساعي كييف للانضمام إلى حلف “الناتو” تهديد صريح لها، وترفض أي تهدئة إلاّ بعد تقديم الحلف لضمانات بعدم قبوله عضوية أوكرانيا مستقبلاً، وسعياً لكبح جماح روسيا، هدد الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية بفرض عقوبات صارمة على روسيا في حال اقدامها على أي خطوة عدائية، فما طبيعة هذه العقوبات
قيود مالية
تتمثل إحدى الإجراءات الممكن اتخاذها في حق روسيا إذا ما أقدمت فعلياً على غزو أوكرانيا، في استبعادها من النظام المالي المعروف باسم “سويفت Swift” وهي خدمة رسائل مالية عالمية يتم استخدامها من قبل الآلاف من المؤسسات المالية في أكثر من 200 دولة.
وكان رئيس الوزراء البريطاني، “بوريس جونسون” قد أكد في إحدى جلسات البرلمان للنواب، أن منع روسيا من هذه الخدمة سيكون سلاحا قويا من شأنه أن يصعب بشكل كبير على البنوك الروسية القيام بأعمال تجارية في الخارج، حيث سبق للدول الغربية أن استخدمت هذه العقوبة ضد إيران في عام 2012، وفقدت البلاد بسببها عائدات نفطية كبيرة وجزءًا كبيرًا من التجارة الخارجية، لكن هذه العقوبة ستكون لها تكلفة اقتصادية أيضا على دول مثل الولايات المتحدة وألمانيا، اللتان تتمتع بنوكهما بصلات وثيقة مع المؤسسات المالية الروسية.
منع التعامل بالدولار
يمكن للولايات المتحدة أن تمنع روسيا من إجراء أي معاملات مالية تتم بالدولار الأمريكي، مع فرض عقوبات على الشركات الغربية التي قد تتعامل مع المؤسسات الروسية بالدولار، هذا يعني أن مشتريات ومبيعات روسيا ستكون محدودة للغاية في جميع أنحاء العالم، وقد يكون لهذا تأثير كبير على الاقتصاد الروسي الذي يعتمد الدولار في تسوية معظم مبيعات النفط والغاز.
تعطيل التعاملات البنكية
يمكن للولايات المتحدة ببساطة إدراج بعض البنوك الروسية في القوائم السوداء، مما يجعل من المستحيل على أي شخص في العالم إجراء معاملات معها، وسيتعين بعد ذلك على موسكو إنقاذ البنوك وبذل قصارى جهدها لتجنب ارتفاع مستويات التضخم وانخفاض الدخل، ومع ذلك سيكون لهذا تأثير سلبي كبير على المستثمرين الغربيين الذين لديهم أموال في تلك البنوك الروسية.
كما يمكن للقوى الغربية أن تتخذ إجراءات لمنع وصول روسيا إلى أسواق الديون الدولية، ما من شأنه أن يحرم البلد من الوصول إلى التمويل الذي يحتاجه لتنمية اقتصاده، وقد ترتفع تكلفة الاقتراض في البلاد وتنخفض بالمقابل قيمة الروبل، واستعدادا لذلك خفضت روسيا من حجم الديون التي يحتفظ بها المستثمرون الأجانب.
إيقاف تصدير السلع الأساسية
يمكن للدول الغربية تقييد تصدير السلع الأساسية إلى روسيا، ويمكن للولايات المتحدة، على سبيل المثال منع الشركات من بيع أي سلع تحتوي على تكنولوجيا أو برامج أو معدات أمريكية، ويمكن أن يشمل ذلك على وجه الخصوص، الرقائق وأشباه الموصلات الدقيقة، التي تُستخدم في أغلب الصناعات الحديثة مثل صناعة السيارات والهواتف الذكية والأدوات الآلية والإلكترونيات الاستهلاكية، ولن يؤثر هذا الإجراء في حال اتخاذه على قطاعي الدفاع والفضاء في روسيا فحسب، بل سيمس مختلف القطاعات الاقتصادية الأخرى.
قيود على الطاقة
يعتمد الاقتصاد الروسي بشكل كبير على الغاز والنفط اللذان يعتبران مصدر دخل ضخم له، غير أن العقوبات الغربية يمكن أن تجعل شراء النفط من عمالقة الطاقة الروس مثل “غازبروم” و “روسنفت” أمرًا غير قانوني، كما يمكن التخلي عن خط أنابيب غاز جديد تم مده تحت بحر البلطيق من روسيا إلى ألمانيا و المسمى بـ “نورد ستريم 2” وهو خط جاهز لبدء عملياته وينتظر الموافقة التنظيمية فقط. من جانب آخر، ستؤدي أي قيود على الغاز الروسي إلى رفع الأسعار في أنحاء أوروبا التي تعتمد معظم بلدانها على الطاقة القادمة من الحقول الروسية.
العقوبات الفردية
تستطيع العقوبات استهداف الأفراد، وليس شركاء الرئيس الروسي فقط، إنما “فلاديمير بوتين” نفسه، ويُعد تجميد الأصول وحظر السفر من الخيارات الأكثر ترجيحًا، لكن العديد من هذه العقوبات سارية بالفعل ولم تغير الكثير من السلوك الروسي بعد، وستسعى القوى الأمريكية والأوروبية من خلال هذا النوع من العقوبات، إلى ممارسة النخبة الروسية ضغوطًا على بوتين إذا لم يتمكنوا من الوصول إلى ثرواتهم في الدول الأجنبية وتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات الغربية، كما يمكن فرض بعض العقوبات لتقييد قدرة الأفراد الروس على الاستثمار والعيش في لندن.