يكشف زهير لعيش، المدير العام للشّركة الجزائرية الرّائدة في التأمينات “لاكار”La CAAR، في حوار لـ”الشعب الإقتصادي”، المحاور الأساسية للإستراتيجية الجديدة التي سطّرتها الشّركة لمواكبة الحركية الاقتصادية الجديدة التي تشهدها البلاد، خاصة فيما يتعلّق بالرّقمنة الذي تضعه الشّركة في قلب اهتماماتها.
وفي السياق، يتحدّث “لعايش” بالأرقام عن النّقلة الكبيرة التي حقّقتها الشّركة في رقم أعمالها سنة 2020، والذي ارتفع بنسبة 40 بالمائة، أي ما يعادل 1.144 مليار دينار، وذلك رغم الأزمة الصحية التي انعكست على الوضع الاقتصادي للبلاد.
نجحت الشّركة الجزائرية للتّأمين وإعادة التّأمين رغم الظّرف الاستثنائي لجائحة “كوفيد-19″، في تحقيق قفزة كبيرة بتحسين مداخيلها بـ 40 بالمائة عام 2020 مقارنة بـ 2019، كيف تمّ ذلك؟
المدير العام للشّركة الجزائرية للتّأمين وإعادة التّأمين زهير لعيش.: فعلاً، فبالرّغم من الظّروف الاستثنائية والصّعبة التي مرّت بها الجزائر في 2020، والمتمثّلة في تفشّي جائحة “كوفيد-19″، والتي كان لها انعكاس مباشر على الاقتصاد الوطني والحياة الاجتماعية بصفة عامة، وذلك بتراجع القدرة الشّرائية للمواطنين التي أثّرت بدورها على الطلب، إضافة إلى تباطؤ النّشاط الاقتصادي النّاجم عن إجراءات الحجر المتكرّرة التي اتّخذتها السّلطات العمومية للحد من تفشي الفيروس، وتمكّنت الشّركة من الحفاظ على توازناتها الاقتصادية والمالية، وتقديم تغطيات تأمينية لمختلف المتعاملين الاقتصاديّين سواء تعلّق الأمر بالمواطنين أو المؤسّسات التي وضعت ثقتها في شركتنا.
في هذا الصدد؛ تجدر الإشارة إلى أنّ شركة “كار” انتهجت سياسة تسيير تتميّز بالمرونة، وذلك ليتسنّى لها التّأقلم مع الظّروف الصّعبة التي مرّ بها العالم بأسره، والتي فرضتها علينا الجائحة.
وبلغة الأرقام يمكن تلخيص إنجازات الشّركة فيما يلي:
– نمو النّاتج الصّافي للسنة المالية 2020 بأكثر من 40 % أو 1.144 مليار دينار مقابل 793 مليون دينار في 2019.
– زيادة القيمة المضافة (هامش التّأمين) بنسبة 7 % مقارنة بعام 2019.
– بلغت تسوية الحوادث لصالح الزّبائن قرابة 8 مليارات دينار في عام 2020.
– بلغت الإيرادات (رقم الأعمال) ما يقارب 15 مليار دينار جزائري، أي بانخفاض طفيف بنسبة 3 % مقابل انخفاض بنسبة 5 % في سوق التأمين.
– بلغ عدد الموظّفين 1949 عامل، أي زيادة طفيفة بنسبة 1 % على الرغم من الوضع الاقتصادي الصعب.
– تدعيم وتقوية الشّبكة التجارية على المستوى الوطني.
هذه النّتائج المتحصّل عليها لم تكن لتتحقّق لولا تضحيات وتفاني العمال وإطارات الشّركة، الذين التفّوا حول الإستراتيجية التي خُطّت للتأقلم مع الوضعية الصّعبة التي أفرزتها الجائحة.
ما هي الميكانيزمات الجديدة التي تعمل عليها الشّركة لتطوير آليات التّأمين الصحي؟
تجدر الإشارة في هذا الصدد، إلى أنّ التأمينات على الأشخاص عامّة أوكلتها الشّركة الجزائرية للتأمين وإعادة التأمين لشركتها الفرعية “كرامة”، والتي تأسّست سنة 2011، وذلك استجابة لما ورد في نص القانون الرامي لفصل التأمين على الأشخاص والتأمين على الممتلكات، وكذا للسّماح لشركتنا بوضع استراتيجية شاملة تمكّنها من استقطاب الكم الهائل من الطلب المتوفر في سوق التأمين، وكذا تسويق عروض تأمين من شأنها التّماشي مع متطلّبات المستهلك، وذلك من خلال مختلف الخدمات والضّمانات التي يعرضها فرعنا المتخصّص في هذا المجال، على غرار عرض “صحّتي” الذي يشمل جملة من الامتيازات، نذكر منها: تغطية المصاريف الطبية للأفراد والعائلات، والنّاتجة عن مختلف عمليات الاستشفاء كالتحاليل الطبية، الأشعة بمختلف أنواعها، الأمومة، الإسعاف الطبي، الأمراض الخطيرة..إلخ.
ويسمح هذا التأمين المقدّم بأسعار مدروسة للأفراد والعائلات بتعزيز قدراتهم في الاستشفاء، وتأمين المصاريف الناتجة عن ذلك، كما يسمح للشّركة بتنويع إيراداتها المالية وتعزيز قدراتها في التغطية والتأمين.
وقّعتم اتّفاقية شراكة مع سونلغاز، ما هي جدواها الاقتصادية خاصة فيما يتعلّق بتعزيز نمو الشّركة؟
أود أن أنوّه أنّ “كار”، شركة تسوّق جميع فروع التأمين، ولديها خبرة كبيرة في مجال تأمين الشّركات الكبرى على غرار شركة سونلغاز، وهذا بالنظر أولاً إلى تاريخ نشأتها، كونها أوّل شركة تأمين جزائرية أسّست غداة الاستقلال، إضافة إلى اختصاصها في مجال تأمين الأخطار الكبرى المندرج في إطار إجراءات التخصص بموجب القانون 73/29 المؤرخ في 05 جويلية 1973.
وعليه، يجب التّنويه في هذا الصدد، أنّ شركتنا رافقت جميع مشاريع إنشاء الجزائر المستقلّة، وذلك بتأمين جميع المنشآت الاقتصادية التي تمّ بناؤها غداة بعد الاستقلال، كما أنّها أمّنت مختلف المصانع والمنشآت الاقتصادية الكبرى طوال فترة التخصّص. كما أنّ شركتنا دفعت تعويضات سمحت بإعادة إنشاء وحدات اقتصادية كبرى، وتمكينها من مواصلة نشاطها في خدمة الاقتصاد، والمساهمة في الناتج المحلي الخام التشغيل. بناءً على ما سلف ذكره، فشركة “كار” كانت دائما رفيقة الشّركات الاقتصادية الكبرى مثل سونلغاز وسوناطراك وغيرها، وهذا النّشاط التأميني الذي يمتد من سنوات يعكس مدى انسجام النشاط التأميني للشّركة مع التطور الاقتصادي للمؤسسات.
وفي هذا الصدد، تملك الشّركة الجزائرية للتأمين وإعادة التأمين اتّفاقيات عدّة مع شركات اقتصادية كبرى، ولديها قدرات وملاءة مالية تسمح لها بمواكبة تطوّر الاقتصاد، وعرض خدماتها على مختلف المتعاملين الاقتصاديّين مهما تعدّدت أنشطتهم ومهما كان حجمهم، وذلك من خلال خبرتها الطّويلة في المجال، وكذا شبكتها التّجارية التي تمتد على مستوى كامل التراب الوطني.
كيف تقيّمون سوق التّأمين في الجزائر؟ وكيف يمكن أن تساهم “كار” في دعم آليات تطويره وفعاليته؟
ممّا لا شك فيه أنّ سوق التأمين في الجزائر عرف نقلة نوعية من مرحلة الاقتصاد الموجّه إلى مرحلة الانفتاح على القطاع الخاص، فبدخول مؤسّسات تأمينية جديدة إلى سوق التأمين اشتدّت المنافسة، وكان لزاما على كل الشّركة أن تبحث عن حلول إبداعية من أجل فرض وجودها، ونيل ثقة المتعاملين الاقتصاديين.
تجدر الإشارة إلى أنّ قطاع التّأمين يعتبر بمثابة القلب النّابض لكل اقتصاد، نظراً لمساهمته الفعّالة في الحفاظ على استمرارية النّشاط الاقتصادي، والسّماح له بالمضي قدماً نحو آفاق جديدة. أما فيما يخص قطاع التأمين في الجزائر، فقد عرف تطوّرا ملحوظا خلال السّنوات الأخيرة، تمّ تعزيزه بالمنافسة التي تسعى لإرضاء الزبون من ناحية السّعر والخدمات، وبالفعل شهد هذا القطاع عدّة تغييرات واكبت تطوّر الاقتصاد، وكذا احتياجات المتعاملين الاقتصاديّين باختلاف حجمهم وأنشطتهم، وذلك من حيث الضّمانات المعروضة، المنتوجات الجديدة التي دخلت السّوق، الرّقمنة، التّعويض العيني…
وبفضل رصيدها وخبرتها في مجال التّأمين، تمكّنت “كار” من الحفاظ على مكانتها والارتقاء بها على مستوى السوق، وهذا بفضل إستراتيجيتها التي تعتمد أساساً على تعزيز المكانة التّنافسية، تطوير شبكتها التجارية، تكوين وتنويع قدراتها البشرية وتعزيز منظومة الوقاية ضد مختلف المخاطر.
وفي الأخير، تجدر الإشارة إلى أنّ الشّركة الجزائرية للتأمين وإعادة التّأمين بحكم تاريخها ومرافقتها للمتعاملين عبر سنوات، فإنّها تسعى دائما لتكون قريبة من الزّبائن، وعلى اطّلاع دائم بمختلف انشغالاتهم في مجالات التأمين والتعويض بحكم أنّ منتوج التّأمين يرتكز أساسا على عامل الثّقة.
هل هناك زيادة في عدد الوكالات؟
تُعدُّ الوكالات التّجارية الرّكيزة الأساسية التي تقوم عليها الشّركة لتسويق منتوجاتها، كما تعتبر واجهة الشّركة ونقطة الاحتكاك الأولى مع مختلف الزّبائن، ولهذا فـ “كار” تولي أهمية قصوى لتطوير شبكتها التجارية من حيث العدد والانتشار على مستوى التّراب الوطني، ومن حيث التدعيم بالوسائل المادية والبشرية لتقديم أحسن الخدمات.
وفي هذا الصدد، تمّ تدعيم الشّبكة التجارية بـ 11 وكالة جديدة سنة 2020 ليصل عددها الإجمالي على المستوى الوطني إلى 292 وكالة.
وتحاول الشّركة من خلال سياستها توسيع شبكتها للتّقرّب أكثر من المواطن، والمتعاملين الاقتصاديّين، بتسهيل اقتناء منتجات التأمين وعرض خدماتها، وكذا مواكبة برنامج النّمو المسطّر تجاه بعض المناطق على غرار الجنوب الكبير.
وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أنّ شركتنا تحصي 12 وكالة تأمين، بالإضافة إلى الشّبكة البنكية التي تغطّي الجنوب الكبير، وتطمح لتعزيز تمثيلها في هذه المنطقة خاصة على مستوى الولايات العشر الجديدة.
إضافة إلى هذا، فإنّ الشّركة الجزائرية للتّأمين وإعادة التّأمين كانت سبّاقة إلى عرض خدماتها عن طريق الشّبكة البنكية، وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى عقد الشّراكة الذي وقّعته شركتنا مع القرض الشّعبي الجزائري، والذي يسمح لها بتسويق منتجاتها عبر أكثر من 140 وكالة بنكية إضافية.
أين وصلتم في برنامج رقمنة الشّركة؟
“كار” من الشّركات السبّاقة إلى الرّقمنة في قطاع التأمين، حيث قامت ابتداءً من 2016 بإطلاق سلسلة من الحلول التّأمينية التي تسمح بالوصول إلى المواطن والتفاعل مع الزبون، فقامت على سبيل المثال بإطلاق البيان التسعيري LIGNE EN DEVIS للتأمين المتعدّد الأخطار للمساكن، وكانت أوّل شركة تأمين أطلقت خدمة البيع عن بعد. وشمل هذا التّأمين على المنازل في مرحلة أولى، ثم تلاها التأمين ضد الكوارث الطّبيعية، وذلك من خلال تصفّح البوّابة الإلكترونية التي تسمح للمواطن باكتتاب عقود التّأمين دون التنقل إلى الوكالات، وعن طريق هذه التّقنية التي تمتاز بالبساطة، يمكن للمواطن الإجابة عن بعض الأسئلة البسيطة التي تسمح بإعطاء التسعيرة في بِضعِ دقائق، وإنهاء عملية الاكتتاب والدفع، كما قمنا أيضا بإطلاق نظام التنبيه التلقائي (رسائل قصيرة) عبر الهواتف النقالة، والذي يخطر المؤمّنين بقرب موعد انقضاء مدة عقودهم التأمينية. كما تمّ تزويد الوكالات التجارية بجهاز الدفع الإلكتروني (TPE)، الذي يسمح للزّبون بدفع أقساط التأمين بواسطة البطاقات البنكية أو البريدية.
للشّركة مشاريع طور الإنجاز للتّوسيع في مجال النّشاط الرقمي، ومن بينها إطلاق أرضية رقمية لتسيير التعويضات. ويعتبر المضي في طريق الرقمنة اختيارا لا مفر منه، والشّركة واعية بهذا التّحدّي، وتسعى جاهدة لتحديث ورقمنة مختلف أنشطتها لتواكب العصر، وتستجيب لمتطلّبات السّوق من حيث السّرعة، التفاعل والأداء.
هناك توجّه عام للجزائر من خلال خيارات رئيس الجمهورية لتطوير الإدارة وتعزيز الشّفافية والنّزاهة والرّقمنة وتطوير الصّادرات، ما مدى مسايرة الشّركة لهذا التوجه؟
بالفعل تعرف الجزائر من خلال برنامج رئيس الجمهورية، توجّها جديدا يهدف إلى النهوض بالحياة الاقتصادية والاجتماعية، ودفع المؤسّسات الاقتصادية ومختلف الإدارات العمومية إلى حوكمة جديدة، وتسيير فعّال يؤثّر إيجابيا وبصفة مباشرة على الحياة العامة والقوّة الاقتصادية للجزائر.
هذه الإصلاحات تعتبر لب اهتمامات شركتنا، ونحن نسعى جاهدين إلى تطوير أدوات التسيير، والعمل والإنتاج للوصول بالشركة إلى مستوى يسمح لها بمواكبة متطلبات العصر ومواجهة رهانات المستقبل، وذلك لجعلها واحدة من المؤسّسات الخالقة للثّروة، والدّاعمة للاقتصاد الوطني.
ما هي الآفاق المستقبلية للشّركة في ظل التّنافس والتّوسّع في سوق التّأمين؟
تسعى الشّركة دائما إلى تدعيم وتطوير مكانتها على مستوى السّوق، لكي تحظى بأكبر نسبة ثقة من المتعاملين الاقتصاديّين والاجتماعيّين، وفي هذا الصدد تعمل “كار” على تحديث وعصرنة آليات التّسيير والحوكمة، إضافة إلى توسيع نطاق الرّقمنة وتطوير آليات التّعامل مع الزّبائن، والتّحديث المستمر لمختلف منتجاتها التّأمينية لكي تتماشى ومتطلّبات السوق، فقد قامت على سبيل المثال بإطلاق خدمات إضافية على مستوى عقد التّأمين على المنازل، وذلك بعرض خدمة التأمين العيني على غرار الترصيص الصحي، الكهرباء، الزّجاج…إلخ.