يوضّح رئيس الوكالة الوطنية للأمن الصحي، البروفيسور كمال صنهاجي، أنّ سرعة تفشّي السلالة المتحوّرة من فيروس كوفيد 19 “دالتا” فاجأت المصالح الصحية في الجزائر بسرعة انتشارها وأعراضها المتمثلة بالدرجة الأولى في ضيق التنفس، ما أدّى إلى زيادة الطلب أضعافاً مضاعفة على الأكسجين، الذي يعتبر عاملاً أساساً في بروتوكول علاج غالبية المصابين بهذا النوع من الفيروس.
يصل حجم استهلاك الأكسجين لدى المصاب بمتحوّر “دالتا” إلى ما بين 30 إلى 40 لتراً في الدقيقة، في حين لم يكن يستهلك المصابون في الموجتين الأولى والثانية أكثر من 10 لترات في الدقيقة، ويقول البروفيسور صنهاجي وهو باحث أيضا في علم المناعة، أنّ مكثّفات الأكسجين لا تفي بالغرض في حالة دخول المريض إلى المستشفى وتدهور صحته، ولإنهاء هذه المعضلة لابد من توفير وحدات إنتاج كبيرة تعمل من دون انقطاع داخل المستشفيات.
تماشيا مع هذا، تقترح الوكالة (كإجراء طارئ في حال تزايد أعداد المصابين بسلالة “دالتا” المتحوّرة) التكفل بمرضى كوفيد-19 في فضاءات كبيرة خارج المستشفيات، مثل المعارض التي يمكن تهيئتها وتحويلها لمراكز استشفائية ضخمة مجهّزة بأجهزة التنفس تغذّيها محطة كبيرة لتوليد الأكسجين، وبهذا يمكن استيعاب أعداد كبيرة من المصابين مع ضمان تلبية حاجياتهم من الأكسجين الطبي.
ويقترح صنهاجي إنشاء أربعة مراكز استشفائية كبيرة توزّع بين الشمال والجنوب، الشرق والغرب، لاحتواء أزمة الموجة الثالثة، حيث يحد هذا الإجراء من تفشي الوباء، من خلال عزل المصابين في هذه المراكز الخاصة، إضافة إلى تقليل الضغط على المستشفيات والأطقم الطبية، وكذا جعل عملية المد بالأكسجين أكثر سهولة، فالعملية اللوجستية عند تزويد مركز كبير بالأكسجين أو المستلزمات الطبية تكون أكثر سرعة ونجاعة من تزويد عشرات المراكز الصغيرة.
التّـلقيح لتجنّـب الموجة الرّابعة
يجزم البروفيسور صنهاجي أنّ الحل لتفادي موجة التفشي الرابعة التي ينتظر أن تضرب مع حلول فصل الخريف، هو تسريع وتكثيف حملة التلقيح في كل مناطق الوطن، بحيث يجب – حسبه – تلقيح ما بين 200 ألف إلى 400 ألف شخص في اليوم للاقتراب من المناعة الجماعية، وعليه سيقل عدد الأشخاص المصابين الذين يدخلون مصالح الإنعاش بسبب تدهور حالتهم، كما سيقل الضغط أيضا على المنظومة والأطقم الطبية التي تكافح الفيروس منذ سنة ونصف.
ويؤكّد ذات المتحدث أنّ الإشاعة التي مفادها أنّ التلقيح في وقت ذروة انتشار الفيروس قد يؤدّي إلى تدهور صحة الملقّحين لا أساس علمي لها، إذ يقول “بالعكس، وجب علينا تلقيح أنفسنا الآن حتى نكتسب الوقت والمناعة، أمّا بخصوص الأعراض التي قد تصاحب عملية التلقيح فلا علاقة لها بأعراض الإصابة بالفيروس”.
ويؤكّد البروفيسور أنّ رئيس الجمهورية يأخذ بعين الاعتبار الاستشارات والحلول العلمية التي تقدّم له لمجابهة تطوّر وتفشي الفيروس، من بينها مقترح اللجوء إلى “الحجر الكلي” في حال تدهور الوضع وتزايد أعداد الإصابات، رغم التّأثيرات المنهكة لهذا الإجراء الذي “يصب في منفعة المواطنين”.