يستعرض المدير العام لمصرف السّلام، حيدر ناصر، في لقاء مع “الشعب الاقتصادي”، عروضا مصرفية يقدّمها بنك السّلام لزبائنه.
عرج المتحدث على آخر الأرقام التي سجّلها البنك في الأشهر الأخيرة من حيث مستوى التّمويلات الاستهلاكية والعقارية، ونسبة الودائع المحصّلة. ويؤكّد حيدر ناصر أنّها لم تتأثّر بالأزمة الصحية “كوفيد-19″، بفضل سّياسة تسيير البنك.
كيف واجه بنك السّلام الأزمة المالية الخانقة التي سبّبتها أزمة “كوفيد-19″؟
المدير العام لمصرف السّلام، حيدر ناصر: كبقية قطاعات النّشاط الاقتصادي، تأثّر القطاع المصرفي بتداعيات أزمة “كوفيد-19″، سواء من حيث ظروف مزاولة أعماله على ضوء تدابير الحجر الصحي وتقييد حركة الأشخاص، أو بما سبّبته تلك الإجراءات من أضرار للمؤسّسات الاقتصادية من حيث قدرتها على الوفاء بالتزاماتها، وارتفاع منسوب مخاطرها المصرفية. ولكن بالرغم من ذلك تمكّن المصرف من تجاوز هذه التّبعات السّلبية بتنظيم أعماله وإدارة موظّفيه، حسب متطلّبات الوضع الجديد. كما اتّخذ كل التّدابير الاحترازية للوقاية والتعاطي مع حالات الإصابة، وفق توصيات السّلطات الصحية للبلاد.
أما من زاوية العمل المصرفي، فقد تمكنّا من تجاوز مخلّفات الأزمة بمرافقة المتعاملين الاقتصاديّين، ومساعدتهم على مواصلة نشاطاتهم وتخطّي الصعوبات التي اعترضتهم، كما أنّنا تمكنّا من توسيع وتنويع الودائع ولا سيما الادّخارية منها، التي شهدت نموّا معتبرا في خضم هذه الجائحة، حيث ارتفع رصيدها الإجمالي ما بين مارس 2020 وماي 2021، من 102 مليار دج إلى 153 مليار دج، أي بزيادة 50 بالمائة، ومن ضمنها تطوّرت الودائع الادّخارية للأفراد من 13 مليار دج إلى 24 مليار دج، أي بزيادة 85 بالمائة، وهذا بفضل السياسة التّواصلية الجوارية التي انتهجها المصرف لتعزيز الثّقة في المنظومة المصرفية.
هل هناك تدابير جديدة ستتّخذ مع استمرار الأزمة، خاصة وأنّ بنك الجزائر أصدر تعليمة تجبر البنوك على تأجيل تسديد القروض؟
صحيح طلبت السّلطات المالية من البنوك مرافقة المؤسّسات الاقتصادية لتخطّي تبعات هذه الجائحة، واتّخذت سلسلة من الإجراءات التّنظيمية للتّخفيف من بعض الالتزامات النّظامية التي على عاتق المؤسّسات المصرفية، ليتيسّر لها ذلك مثل السّماح بجدولة ديون المتعاملين دون تكوين مخصّصات، ومنح تمويلات جديدة للمؤسّسات المستفيدة من جدولة ديونها، وتخفيض نسبة الملاءة الاحترازية من 12 إلى 9.5 بالمائة، وتخفيض معامل السيولة من 100 إلى 60 بالمائة، وتخفيض الاحتياطي الإجباري من 8 إلى 2 بالمائة، وتخفيض نسبة إعادة الخصم من 3.25 إلى 3 بالمائة، وتيسير أدوات إعادة التمويل لفائدة البنوك.
وبغض النّظر عن هذه التّوجيهات من بنك الجزائر للمحافظة على النّسيج الاقتصادي، ودعامته الأولى المتمثّلة في المؤسّسات الصّغيرة والمتوسّطة، فإنّ مساندة هذه المؤسّسات في هذه الظّروف الصّعبة تقتضيها متطلّبات المحافظة على ملاءتها حتى تتمكّن من الوفاء بالتزاماتها اتجاه البنوك نفسها، فالمصلحة المشتركة للجميع هي تفادي تردّي الوضعية المالية للمتعاملين الاقتصاديّين، وتوفير الشّروط المواتية لاستئناف النّشاط وامتصاص مخلّفات الأزمة.
هل تأثّر رقم أعمالكم بالأزمة؟
لا يمكن إنكار تأثّر نشاط المصرف وأدائه بتداعيات الأزمة الصحية للأسباب المذكورة آنفا، حيث تراجعت مداخيله بسبب تقلّص نسبة نمو رصيد التّمويلات بفعل السياسة الحذرة التي انتهجها المصرف بالنّظر لارتفاع المخاطر الائتمانية، وارتفاع نسبة المستحقّات المتعثّرة، ولكن مع ذلك سجّل المصرف نسب نموّ إيجابية في إجمالي أصوله وودائعه وحجم عملياته، فضلا عن تنويع حقيبة خدماته ومنتجاته.
كنتم سبّاقين في بنك السّلام إلى بعث صيغة الصّيرفة الاسلامية في الجزائر، والتي يتم تعميمها اليوم في الجزائر، كيف تقيّمون تطوّرها؟
نعم تعود قصبة السبق في تطوير الصيرفة الإسلامية في الجزائر لكل من بنك البركة الجزائري ومصرف السّلام الجزائر، حيث سمحت التّجربتين بترسيخ مفاهيم وتطبيقات النّموذج في السّوق المصرفي، وإثبات الاحتضان الاجتماعي لهذه الآليات المبتكرة لممارسة العمل المصرفي، وفقا لقواعد وضوابط الشّريعة الإسلامية.
وبناءً على ذلك تولّدت القناعة لدى السّلطات العمومية بجدوى هذه المعاملات لاستيعاب احتياجات شريحة واسعة من المتعاملين الاقتصاديّين، سواء أصحاب المدخرات المالية منهم أو أصحاب المشاريع والنّشاطات التجارية والحرفية والفلاحية والصناعية والخدمية ممّن كان يتحفّظ من التّعامل بالمنتجات المصرفية التّقليدية لما يشوبها من محظورات شرعية.
ومن منطلق التّجاوب مع الواقع الاجتماعي والسّيكولوجي الملموس، قرّرت السّلطات العمومية تبنّي النموذج على المستوى القانوني والميداني، وتشجيع المؤسّسات المصرفية التقليدية ولا سيما العمومية منها، على إنشاء شبابيك متخصّصة لتقديم خدمات مصرفية تتواءم مع قناعات المواطنين وتطلعاتهم.