امرأة «التحديات والصعوبات».. اقتحمت مسؤوليات قد يأبى رجال تحمّلها، واستطاعت تقلّد منصب المسؤولية كأول امرأة في الجزائر تدير فرعا من فروع المجمع العمومي للنقل البري اللوجيستي الذي يتولى السهر على قوافل التجارة التي تدخل البلدان الإفريقية والسهر على حمايتها ومتابعتها بالتنسيق مع العيون السّاهرة على أمن الوطن.
راضية سليماني تتقلّد اليوم منصب مديرة عامة لأحد فروع مجمع «لوجيترونس»، لم تتجاوز العقد الثالث من عمرها؛ فهي من مواليد سنة 1989، ولم يكن الوصول إلى هذا المنصب من فراغ، بل جاء بفضل العزيمة والإرادة، بدءا بمسار دراسي ناجح بمسقط رأسها الكائن في مدينة تيزي وزو.
تحصلت على شهادة البكالوريا سنة 2008، لم تسمح لها هذه الشهادة بتحقيق حلمها باقتحام عالم التجارة، فاضطرت إلى إعادة خوض معركة الشهادة الأهم في حياة كل طالب، وتمكّنت من تحقيق حلمها هذه المرة، والنجاح في سنة 2009، ما مكّنها من دخول المدرسة التحضيرية للعلوم الاقتصادية والتجارية بدرارية في العاصمة، وبحكم أنها كانت من بين الأوائل في دفعتها، فقد تمكّنت من الالتحاق بالمدرسة العليا للدراسات التجارية على مستوى القطب الجامعي بولاية تيبازة، حيث واصلت دراستها العليا وتحصلت على شهادة ماستر1و2 في هذه المدرسة، وكانت الأولى في دفعتها، ما جعل حلم الدكتوراه يتحقّق أيضا، لكن بعد سنوات من العمل المهني الجاد والملتزم.
بداية المشوار…
التحقت «امرأة التحديات» بالمجمع كمكلفة بالاتصال، وكانت فرصة لبداية المشوار داخل المجمع العمومي برغم كل الظروف، فالنشاط هناك رجالي بامتياز، ما جعلها تتحدى الظروف والصعوبات، بل استطاعت تفجير كل طاقاتها في عالم يوصف بأنه ذكوري إيمانا منها بأن الجزائر تستحق كل التضحيات في سبيل إعلاء رايتها الوطنية بين الأمم.
تزوجت سنة 2015، وبدأت حياة جديدة بمسؤوليات جديدة، واستطاعت راضية التوفيق بين الجانب المهني والشخصي بمباركة من زوجها الذي كان السند القوي لها في مشوارها المهني. وواصلت مهامها الموكلة إليها حتى سنة 2018، أين حدث تغيير كبير في حياتها، بعد أن كلفت بالملفات الإستراتيجية داخل المؤسسة الوطنية، بمباركة من الرئيس المدير العام للمجمع، الذي آمن بهذه المرأة وبقدراتها التي لا حدود لها، نظرا لنشاطها الدؤوب وتفانيها في العمل، على حساب حياتها الشخصية، فكانت الشخص المناسب في المكان المناسب.
قيادة 120 قافلة نحو إفريقيا.. مواجهة الصعاب..
وخلال سنة 2019، وفي ظلّ التوجّه نحو تنويع الاقتصاد وترقية الصادرات خارج المحروقات، تم تجسيد مشروع النقل الخارجي نحو دول افريقية، حيث وضع الرئيس المدير العام للمجمع كل الثقة في امرأة التحديات والمهام الصعبة من خلال تكليفها بالإشراف على تسيير قوافل سائقين في وجهاتهم المحفوفة بالمخاطر نحو دول افريقية، حيث تقود مجموعة من الشباب يتولون النقل الدولي اللوجستي، وهي مهنة جد حساسة أسندت للشابة الجزائرية التي نجحت في قيادة 120 قافلة نحو إفريقيا إلى دول مثل موريتانيا، السنغال، النيجر، مالي وتونس.
وتحملت راضية مسؤوليتها كاملة لرفع الراية الوطنية، بمساعدة وتظافر الجهود لكل الوزارات والهيئات المعنية مثل الداخلية، وقيادة الجيش الوطني الشعبي، وهم رجال الخفاء وعين الجزائر التي لا تنام. وفي خضّم ذلك، نجحت المرأة في الحصول على شهادة الدكتوراه بأطروحة حول
«حوكمة الشركات»، لتعين مديرة مركزية على مستوى المجمع، ويكون لها الدور الكبير في إنجاح المشاريع وتحقيق أهدافها.
أما في سنة 2022، فكان الفيصل بتجديد الثقة في شخص سليماني، كمديرة عامة «لوجيترونس» لتكون أول امرأة في تاريخ المؤسسة الوطنية تعيّن في هذا المنصب الحساس، حيث اعتمدت على معايير الكفاءة والانضباط والاستثمار في العنصر البشري، حيث يتمّ تثمين الجهود وإعطاء الاهتمام لكل العاملين، خاصة السائقين منهم، لما لهم من دور استراتيجي وهام.
نشاطات..
وبصفتها مديرة عامة بأحد فروع المجمع، فإن مساهمتها في مختلف نشاطاته، تتمثل في تمثيل المجمع في مختلف الاجتماعات المشتركة مع القطاعات المعنية، على غرار النقل التجارة والصيد البحري، فضلا عن اللقاءات مع الشركاء الاقتصاديين، وتمحورت مهمتها حول الدفاع عن المصالح الإستراتيجية للمجمع، والعمل على تجسيد مهام المديرية العامة من خلال التنسيق على مستوى الفاعلين على مستوى الفروع.
لم يكن عائق الذهنيات يحول دون إتمام مهامها على أحسن وجه، فعاملت الجميع بعدالة، وسايرت كل الظروف داخل المؤسسة للحفاظ على استقرارها واستمراريتها. في إطار خلق جو عائلي تحت شعار «لا يظلم في شركتنا أحد».
ولقد جعلت سليماني من العمل داخل المجمع «كل حياتها»، محقّقة نجاحا مشهودا بفضل الاعتراف بجهد العامل وجعله عصب المجمع من خلال تقديم الدعم المعنوي، فضلا عن إضفاء الشفافية في العمل على جميع المستويات.