يملك الزيتون الجزائري خصوصيات، تجعله ينافس منتجات دول رائدة في إنتاج مشتقات الزيتون، ولكن التموقع في الأسواق الدولية بشكل دائم، يحتاج – حسب رئيس المجلس المهني لشعبة الزيتون، امحمد بلعسلة – إلى تنظيم الشعبة وانخراط المهنيين والمنتجين في تعاونيات، لزيادة المردودية وتحسين النوعية وشروط تخزين هذه المادة، التي تتطلب احترام بروتوكول صحي دولي للحفاظ على جودتها وقيمتها الغذائية، وحتى تحظى بقبول المستهلك الأجنبي.
يرى بلعسلة، أنّ الجزائر قادرة على منافسة الدول الرائدة في إنتاج الزيتون وزيت الزيتون، بالتركيز على الاستثمار في الأصناف المحلية، وتحسين نوعية الإنتاج وجودته، وهذا يبدأ – كما يقول – من حسن اختيار الشتلات، واستعمال الطرق الصحيحة في التطعيم، الجني، الجمع، النقل وتخزين المنتوج، إذ يجب أن يخضع لشروط صحية خاصة في المناطق الجبلية المعروفة بإنتاجه.
ويتطلّب رفع قدرات التصدير – يضيف محدثنا – الانخراط في تعاونيات، موضحا أن الجزائر كان لديها أكثر من 1500 تعاونية، واليوم يتردّد المهنيون في الانخراط في تعاونية واحدة، بالرغم من الامتيازات والتسهيلات التي توفّرها لكل منخرط، من بينها الاستفادة من الدعم سواء الموجه للإنتاج أو للتصدير، وإيجاد أسواق لتصريف المنتوج.
وأشار بلعسلة إلى أنّ الجزائر تحصي 36 صنفا من الزيتون المحلي، أقيمت عليها دراسات تقريبا، وتبين أن كل ولاية تحتوي من 6 إلى 7 أصناف، لذلك إذا أردنا التصدير يجب «الترويج للزيتون والنوعية الجزائرية، ونستعمل الأصناف المحلية، ونحافظ عليها».
2 لتر حصّة الفرد سنويا
أكّد بلعسلة أنّ الأصناف المحلية للزيتون تمتلك خصائص لا تتوفر عليها المنتجات الأجنبية، لذلك يجب الاهتمام بها وحمايتها من الانقراض، وإعطاء أوامر لأصحاب المشاتل لإنتاج شتلات جديدة منها، وتوجيهها للغراسة في المناطق الملائمة لها، والاستعانة بأبحاث المعاهد الجامعية، والمختصين لتحسينها جينيا، كصنف «فركاني» المعروف بإنتاجه ولاية تبسة، و»شملال» في منطقة الصومام، و»سيڨواز» في ولاية معسكر.
ويعتقد بلعسلة أنّ المهنيّين يجتهدون وينتجون زيتا نوعيا، ولكن التحدي القائم هو زيادة كمية الإنتاج، وتحسيس الجزائري باستهلاك النوعية الصحيحة، موضّحا أنّ حصة استهلاك الفرد الجزائري لزيت الزيتون ضئيلة، إذ تقدّر بـ 2 لتر سنويا، ورفع الحصة المستهلكة محليا يرفع الانتاج، ويحسن النوعية بتوجيه المستهلكين للزيت النوعي، حسبه.
أمّا أصحاب المعاصر، فهم معنيون مثلما قال «باحترام النظافة، والشروط الصحية، وطرق تخزين المنتوج كاستعمال الصهاريج المصنوعة من مادة «الاينوكس» بدل البلاستيك، أو «الحديد» لأن زيت الزيتون وسط نافذ جدا للروائح، وتتغير خصائصه إذا لم يحفظ في مكان صحي وجيد».
ووجّه بلعسلة نداء لكل المهنيين لتنظيم الشعبة، وتحقيق الأهداف الأساسية على أرض الواقع منها زيادة المردود وتحسين النوعية، وأيضا تحسين معامل تصبير الزيتون أو المعاصر، وتحسين التخزين، ومن أجل تحقيق الهدف الأهم، تصدير حصص من المنتوج الجزائري، وتوفيره على واجهة المحلات الكبرى، وهذا يحتاج إلى تحسين النوعي، وإنشاء وحدات صناعية لإنتاج عبوات زجاجية خاصة بتخزين الزيت الموجه للتصدير، ومنح التراخيص للمخابر التي تراقب جودة المنتوج.
فحم ومواد تجميل من البقايا
لا تنحصر فوائد استغلال الزيتون في استخلاص مادة زيت الزيتون الموجهة للاستهلاك المنزلي، بل يفتح فرص استثمار واعدة للباحثين عن الشغل، أو عن مصدر دخل، عن طريق استغلال البقايا، التي تعد «كنزا ثمينا»، ولكنه غير مستغل بالطريقة الأمثل.
وقال بلعسلة إنّ الزيتون يحتاج إلى تثمين بقاياه، بتشجع الشباب على إقامة وحدات تحويلية لإنتاج زيت البقايا التي تستعمل في صناعة منتجات التجميل، مواد التنظيف، الصابون، العطور، الشامبوان، الأسمدة، وحتى الفحم، مشيرا إلى أن 90 بالمائة من البقايا تضيع، بالرغم من وجود بعض المبادرات، ولكن تحتاج إلى مرافقة الدولة لتوسيع هذا النشاط وتقويته.
وأوضح بلعسلة أنّه يمكن صناعة الفحم من بقايا الزيتون، وهذا النشاط سنتفادى به حرق الغابات من أجل الحصول على هذه المادة، كما أنّ أجدادنا قديما كانوا يصنعون من أغصان الزيتون أدوات الأكل من ملاعق وصحون خشبية، مؤكدا أن شباب اليوم يملكون القدرة على صناعة هذه المنتجات، وهي ليست مسؤولية أجهزة الدولة، بل مبادرات فردية أو حتى جماعية، ودور المهنيين الذين يرفضون التنظيم في إطار تعاونيات، وتفضيل العمل الموازي.
واقترح بلعسلة، في إطار تشجيع التصدير، إنشاء شركة نقل للتصدير، يتعامل معها المصدر وأجهزة الدولة، بحيث يوجه الدعم الذي يستفيد منه المصدر (20 % من تكاليف النقل)، إلى الشركة مباشرة، وهذا لتسهيل وتخفيف الاجراءات الإدارية على المهتمين بالتصدير.
ومن أجل دعم تشغيل الشباب، طالب بلعسلة بتكوين مؤسسات مصغرة مختصة في تطعيم أشجار الزيتون المهملة، خاصة في المناطق الجبلية التي هجرها سكانها، وتوقيع اتفاقيات مع أصحاب بساتين الزيتون المهملة والشركات المصغرة للتكفل بعملية التطعيم والجني، وتوضع شروط يعمل الشباب وفقها، وهذا يحسن النوعية لأن الجني في الوقت المناسب ونقله بسرعة وفي شروط ملائمة يحسن نوعية زيت الزيتون المحلي ويحافظ على سمعته.