تنعقد اللجنة المشتركة الكبرى للتعاون الجزائرية-الموريتانية، غدا الأربعاء بالعاصمة الموريتانية نواكشوط، في دورتها الـ19، وهي لبنة أخرى تضاف إلى مسار العلاقات الثنائية التي تعرف ديناميكية قوية في التعاون بين البلدين شملت مختلف القطاعات.
يعرف التعاون الجزائري-الموريتاني انتعاشا ملحوظا تترجمه جملة من الآليات المتمثلة في لجنة التشاور السياسي ولجنة المتابعة واللجنة المشتركة الكبرى للتعاون، والتي يسعى من خلالها البلدان إلى تعزيز ما تم تحقيقه لحد الآن.
وضمن هذا المسعى، جاءت زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، إلى الجزائر في ديسمبر الماضي، لتعكس مدى متانة العلاقات الثنائية الراسخة، وهي الزيارة التي توجت بالتوقيع على عدة اتفاقيات ومذكرات تعاون تجسد إرادة البلدين في بناء شراكة استراتيجية شاملة.
وبذات المناسبةن حرص الرئيس تبون على التذكير بعراقة العلاقات الجزائرية-الموريتانية التي تعرف تطورا لافتا، فيما وصف الرئيس الموريتاني زيارته إلى الجزائر بـ”المثمرة والبناءة”، لأنها ستسمح -مثلما قال- بالارتقاء بعلاقات التعاون بين البلدين إلى “مستوى الأخوة والصداقة التي تربط الشعبين الشقيقين”.
التعاون الاقتصادي: مسعى استراتيجي بوتيرة متصاعدة
تعد الجزائر أحد أهم الشركاء الاقتصاديين لموريتانيا، وهو واقع من شأنه أن يتعزز أكثر مستقبلا، استنادا إلى الأرقام التي تشير إلى ارتفاع قيمة الصادرات الجزائرية نحو موريتانيا بـ205 بالمائة خلال الثلاثي الأول من سنة 2021، مقارنة بنفس الفترة من السنة التي سبقتها.
ومن المتوقع أن يحافظ التعاون الاقتصادي بين البلدين على منحناه التصاعدي، خاصة بعد فتح خط تجاري بحري يربط بين البلدين, بأمر من رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، وكذا إنجاز المعبر الحدودي بين تندوف (الجزائر) والزويرات موريتانيا)، مما يسمح باحداث حركية اقتصادية تساهم في تنمية المناطق الحدودية بين البلدين الشقيقين.
وامتدادا لما سبق ذكره، يشهد التعاون الثنائي في شقه الخاص بمجال الطاقة والمناجم، هو الآخر، ديناميكية إيجابية.
فعلاوة على التعاون في مجال الكهرباء والمحادثات القائمة بين شركات البلدين والتي توجت شهر جويلية 2021 بالتوقيع على مذكرة تفاهم بين سونلغاز والشركة الموريتانية للكهرباء، تجري محادثات حثيثة بين البلدين في قطاع المحروقات والغاز لتطوير مشاريع مشتركة بين الجانبين.
وتوصف آفاق التعاون المتاحة في مجالات الطاقة والمناجم بالمتنوعة والواعدة، حيث أكد وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب، خلال زيارة العمل التي أداها إلى موريتانيا في يونيو المنصرم، الاستعداد التام للطرف الجزائري لإقامة شراكة استراتيجية من شأنها فتح آفاق جديدة على الصعيد الاقليمي من خلال توسيع نشاط المؤسسات الجزائرية إلى البلدان الافريقية المجاورة ولعب دور فعال في ضمان التزود بالطاقة.
وعلى صعيد مماثل، أبدى مجمع “سوناطراك” الذي يمتلك خبرة في بناء محطات تحلية مياه البحر، استعداده للتعاون مع الطرف الموريتاني فيما يتصل بالتكنولوجيا أو التكوين أو متابعة المشاريع.
ولا يتوقف التعاون بين الجزائر وموريتانيا عند ما سبق ذكره، بل يتعداه إلى المشروع الاستراتيجي لوصل الألياف البصرية المحورية العابرة للصحراء، الرامي إلى تطوير الاقتصاد الرقمي الاقليمي والذي يجمع بلدانا أخرى هي التشاد والنيجر ونيجيريا ومالي.
أهداف استراتيجية مشتركة ترسم معالم التعاون الأمني
من جانب آخر، اتفقت الجزائر وموريتانيا على مضاعفة الجهود وتوحيد المواقف لمواجهة الأخطار المشتركة وحماية الحدود من الجرائم العابرة للأوطان من خلال التوقيع على مذكرة تفاهم لإنشاء لجنة ثنائية حدودية تعكس الإرادة السامية لقيادتي البلدين في الارتقاء بالعلاقات الثنائية نحو الأفضل.
ويعمل البلدان على تعزيز تعاونهما لمواجهة التحديات الأمنية المفروضة على المنطقة من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية وتنسيق الأعمال على طول الحدود المشتركة.
وظل الجانب التضامني حاضرا في العلاقات بين البلدين، وهو ما تجلى بكل وضوح من خلال إرسال مساعدات إنسانية مؤخرا الى موريتانيا لمساعدتها على مواجهة آثار الفيضانات التي اجتاحت مناطق عدة بهذا البلد الشقيق.
وبرز هذا التضامن أيضا أثناء تفشي وباء كوفيد-19، حيث بادرت الجزائر بإرسال بعثة طبية تضم مختصين في الإنعاش والتخدير وخبراء في التكوين والصيدلة والمراقبة الوبائية الى موريتانيا، علاوة على إرسال مساعدات تضم عتادا ومستلزمات طبية وقائية.