درست الحكومة الحصيلة المرحلية لإنجازات الحكومة منذ سنة من المصادقة على مخطط عملها، وحرصت سياستها العامة على إرساء واستكمال مرحلة الإصلاحات لتتلاءم وتوجهات الجزائر الجديدة كدولة المؤسسات ذات صلاحيات مستقلة بعيدا كل البعد عن الاستحواذ على السلطة، وكقوة اقتصادية منفتحة على الاستثمار الأجنبي المباشر، من خلال منح قانون حركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج مرونة أكبر، ومراجعة قانون 2006 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته لتكييفه مع السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته.
يتناول مجلس الوزراء الذي يعقد اليوم برئاسة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بيان السياسة العامة للحكومة بعد دراسته على مستوى مجلس الحكومة الأربعاء الفارط، على أن يعرض على البرلمان بغرفتيه طبقا لأحكام الدستور، وتتضمن الوثيقة معطيات تتعلق بتجسيد الإجراءات والتدابير المتخذة من طرف مختلف القطاعات الوزارية، وكذا الحصيلة المرحلية لإنجازات الحكومة منذ المصادقة على مخطط عملها في سبتمبر 2021.
بريش: تكييف القوانين المتعلقة بإنشاء السلطة الوطنية لمكافحة الفساد
في ذات السياق قال عُضو اللجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني عبد القادر بريش إن بيان السياسة العامة للحكومة من العناصر البارزة في الدورة البرلمانية الحالية، لان الحكومة ملزمة بتقديم حصيلة عملها بعد سنة من عرض مخططها أمام البرلمان على اعتبار انه آلية من آليات المساءلة.
إذ تقوم السلطة التشريعية بمساءلة السلطة التنفيذية عن أدائها وسيبين البرلمان نتائج الأداء فيثمن الإيجابي منه، ويطلب المزيد من الأداء لإنجاز ما لم يتم تحقيقه منه، حسب المادة 111 من الدستور التي تنص على «يجب على الوزير الأول او رئيس الحكومة حسب الحالة ان يقدم سنويا الى المجلس الشعبي الوطني بيانا عن السياسة العامة، تعقُب بيان السياسة العامة مناقشة عمل الحكومة، يمكن ان تختتم هذه المناقشة بلائحة..».
بمعنى تقدم الحكومة سياستها العامة أمام البرلمان بغرفتيه ما يترتب عنه لائحة او مستند رقابة، وإذا تطلب الأمر يطلب الوزير الأول الثقة لحكومته، وان لم يحظ بها ممكن ان تستقيل الحكومة، طبعا كل ذلك في إطار الدستور.
وأكد بريش ان الجزائر دولة مؤسسات يجب أن تطبق بنود الدستور وتحترم استقلالية المؤسسات، فكلما مورست الاستقلالية بين المؤسسات كلما كانت المساءلة والأداء أفضل بتقسيم وتوزيع هذه الصلاحيات بين المؤسسات، خاصة وان نظامنا الدستوري يمنع استحواذ السلطة على حساب مؤسسات أخرى.
وكلما كانت مؤسسات الدولة قوية تعمل وفق ما هو متاح لها من صلاحياتها الدستورية، كلما فُعِّل نظام الحوكمة بصفة أكبر، معتبرا ان كل ذلك يصب في صالح تطبيق برنامج رئيس الجمهورية بتحقيق التنمية والرفاهية داخل المجتمع.
انفتاح على الاستثمار الأجنبي المباشر
في سياق مغاير اعتبر بريش العرض الذي قدمه وزير العدل حافظ الأختام بخصوص المشروع التمهيدي لقانون يتعلق بقمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، مهما جدا بسبب المرحلة الجديدة التي تعيشها الجزائر، حيث تعرف انفتاحا على الاستثمارات ورؤوس الأموال الأجنبية.
وقد تم اصدار قانون استثمار جديد أعطى مرونة كبيرة للتحويلات المالية من الخارج خاصة تحويل رأس مال الاستثمار والأرباح، لذلك كان لا بد من تكييفه مع القانون الجديد للاستثمار بإعطائه مرونة أكبر.
ويرى المختص انه لن يكتمل الامر الا إذا تم تعديل قانون النقد والقرض بالإضافة الى النظام الصادر عن البنك المركزي في 2007 المتعلق بإدارة حركة رؤوس الأموال وحركة الحسابات بالعملة الصعبة، مؤكدا ضرورة تعزيز الرقابة لأنها ضرورية لتفادي أي اختراقات او تحويل أموال مشبوهة.
منظومة قانونية تتوافق وروح الدستور
أما عن تقديم وزير العدل حافظ الأختام عرضا حول المحاور الكبرى للمراجعة الجارية للقانون رقم 06 ـ 01 المؤرخ في 20/02/2006، والمتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، أبرز بريش انها مشاريع قوانين تعرض في إطار سلسلة القوانين التي ترافق مرحلة الإصلاحات، مؤكدا ضرورة تعديل قانون مكافحة الفساد 2006 بعد انشاء السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته حتى ينسجم هذا القانون مع الدستور والسلطة.
إجراء جاء استكمالا لإجراء تكييف القوانين، فبعد إنشاء هذه السلطة من الضروري تعديل القانون 2006 ليتماشى مع صلاحيات السلطة الجديدة المنشأة وفقا لدستور 2020، موضحا أن الإصلاحات القانونية ضرورية في المرحلة الحالية من اجل المرور الى مرحلة جديدة هي مرحلة بسط منظومة قانونية تتوافق وروح الدستور.