يرى مختصون أن للجزائر تجربة في مكافحة الإرهاب وسبل تمويله، ساهمت في دعم معاهدات دولية واتفاقيات لمكافحة الظاهرة، وتسعى اليوم بإجراءات وآليات جديدة لتجفيف منابع هذه الظاهرة واجتثاثها من الجذور.
ظاهرة تبييض الأموال أو غسل الأموال ظاهرة عالمية ترتبط في كثير من الأحيان بمصطلح الإرهاب لانها إحدى وسائل دعم المنظمات الإجرامية بمختلف تصنيفاتها.
أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في آخر مجلس للوزراء على أهمية قانون الوقاية من تمويل الإرهاب وتبييض الأموال، مشددا على تطبيق واحترام كل الإجراءات والأحكام القضائية في المصادرة.
ولمواجهة الجريمة العابرة للحدود، لجأ المشرع الجزائري لسن العديد من القوانين التي أفرزت عن جملة من الآليات لمكافحة أوجه جريمة تبييض الأموال المتعددة، من بين هذه القوانين، قانون العقوبات والقانون المتضمن الوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما.
ويرى أستاذ القانون العام بجامعة الجزائر -01- الأستاذ أحمد دخينيسه، أن الترسانة القانونية لمكافحة تبييض الأموال ومكافحة الإرهاب بالجزائر موجودة، لكن ينبغي إجراء بعض التعديلات التي تتماشى والمستجدات التي ينبغي على القانون أن يتكيف معها.
وأضاف دخينيسه أن الترسانة القانونية التي وضعها المشرع الجزائري للحد من هذه الظاهرة يضاف إليها مجموعة من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي أمضت عليها الجزائر وساهمت في إثرائها بشكل محسوس في مرات عديدة.
وأشار محدثنا الى أن الرئيس حين دعا إلى تطبيق هذه القوانين يعي جيدا الإجراءات القضائية التي ترافق مثل هذه الحالات، وهي الإجراءات التي وصفها أستاذ القانون بالمعقدة نظرا لتداخل الاتفاقيات الدولية والمعاهدات مع القوانين التي سنّها المشرع الجزائري، لذا فقد عمدت الدولة الجزائرية إلى تكوين القضاة والضبطية القضائية على أعلى مستوى في الهيئات الدولية، خاصة وأن التعامل مع مثل هذه القضايا يتطلب سلسلة من التعاون الدولي.
وذكّر الأستاذ دخنيسه أن تبييض الأموال جريمة عابرة للقارات وتمويله معقد يرتبط بتطور تقني كبير، مشيرا إلى أن هذا التطور يخص المسارات البنكية وسبل الدفع الإلكترونية الحديثة، والتي لا تقع تحت طائل المراقبة القضائية في كثير من الأحيان وتخص صلب السياسات الدولية سواء على المستوى الداخلي او على الصعيد الخارجي.
وفي ذات السياق، أوضح دخنيسه إن موضوع تبييض الأموال وتمويل الإرهاب موضوع ضخم ولا يقع على الهامش ويقع في صيرورة تطور المجتمعات دون ان نستثني منها المجتمع الجزائري بطبيعة الحال، خاصة وان محيط البلد يشهد تقلبات ونشاط لجماعات إجرامية سواء في الساحل أو في العمق الإفريقي.
وأضاف محدثنا أن الموضوع وعلى قدر تعقيداته من جوانبه السياسية والجيو ـ سياسية، استوجب التفاتة من السلطات العليا في البلاد لذا دعا رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الى التطبيق الصارم للقوانين في آخر مجلس للوزراء، وهو الأمر الذي لا يمر دون تكوين لأجهزة الدولة القضائية.
وذكر محدثنا بكون الجزائر تحتضن المركز الإفريقي للدراسات والبحوث حول الإرهاب الذي يسعى إلى توجيه جهود مكافحة الإرهاب وتنسيقها في مختلف أنحاء أفريقيا.
ومن جهة أخرى، قال أستاذ القانون بجامعة الجزائر -1-، إن للجزائر تجربة واسعة في مكافحة الإرهاب وسبل تمويله، ساهمت في تدعيم المعاهدات الدولية والاتفاقيات الموقعة لمكافحة الإرهاب، وأضاف أن ما بين إصدار النص وتطبيقه توجد مسافة يربطها المختصون بالكفاءة على مختلف المستويات التقنية والتنسيقية، وتكييف الأفعال.
وأضاف الأستاذ دخنيسة أن أنجع طريقة لمحاربة ظاهرة تبييض الأموال ودعم الإرهاب هي الشفافية التامة على مستوى البنوك والمصارف، وطرق الدفع الالكترونية، وهذا أمر تقني يقتضي كفاءات تقنية وقاعدة متينة لتطوير النظام المصرفي، بالإضافة إلى التحكم الجيد في المعاملات التجارية وفق ما يقتضيه القانون لحماية المجتمع ككل من هذه الظاهرة.
وعلى ذكر الشفافية في التعاملات البنكية لا بد من التذكير بأن قانوني النقد والصرف والقانون المتعلق بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، جاءت متناسقة فيما بينها بهدف إعطاء ديناميكية ودفع قوي لمكافحة تبييض الأموال عن طريق النظام المصرفي.