الطريق العابر للصحراء بأبعاده الإستراتيجية شريان اقتصادي مهم للجزائر، وضعته الحكومة ضمن أولويتها الاقتصادية إقليميا وقاريا، من شأنه تقليص فاتورة نقل البضائع من الحوض المتوسط إلى دول غرب إفريقيا بنسبة 30 بالمائة.
قال رئيس المركز العربي والإفريقي للاستثمار والتطوير أمين بوطالبي: “إن الطريق العابر للصحراء مشروع مهم جدا للجزائر، وسيعود بفائدة كبيرة على اقتصاد البلاد، خاصة أنه يربط بين ميناء الحمدانية بشرشال في ولاية تيبازة وميناء لاغوس نيجيريا، والطريق من النيجير الى كوت ديفوار”.
وأوضح بوطالبي، في تصريح لـ “الشعب الاقتصادي”، أن مشروع الطريق العابر للصحراء بلغ مراحل متقدمة تقدر بـ90 بالمائة، خاصة من الجانب الجزائري وشمال نيجيريا، بعد أن تعطلت سنوات عديدة بسبب الوضع الأمني والمالي في منطقة الساحل.
الجزائر تتجه نحو عمق إفريقيا
وقال: “اليوم الجزائر تخطو خطوات كبيرة في شق طرق جديدة وتهيئها. لاحظنا تقدما من الجانب الجزائري من العاصمة أو من ميناء الحمدانية بولاية تيبازة إلى تمنراست، ولم تبق إلا مسافات صغيرة تقدر بحوالي 400 كلم، حيث تتطلب إعادة تعبيدها وتنظيمها تهيئتها”.
في الجهة المقابلة، كشف بوطالبي، أنه “شمال نيجيريا لم تبق سوى 400 كلم أو أقل، وفي شمال النيجر بقي حوالي 1000 كلم لم تعبّد، أصلا ما زالت صحراء”.
رهان رفع حجم المبادلات التجارية..
يعود الطريق العابر للصحراء، الذي يمتد على مسافة 10 آلاف كلم، من ميناء الحمدانية إلى ميناء لاغوس جنوب غربي نيجيريا، بفوائد اقتصادية من خلال رفع حجم المبادلات التجارية للبلدان المعنية (الجزائر، تونس، النيجر، نيجيريا، مالي وتشاد)، إضافة إلى خدمة التنمية والاندماج الاقتصاديين إقليمياً وقاريا.
وفي هذا الصدد، يرى بوطالبي أن الجزائر، والبلدان المعنية تراهن على الطريق من خلال رفع حجم نمو المبادلات التجارية إلى 7 بالمائة على الأقل، وأوضح أن حجم التبادل التجاري بين الجزائر والنيجر يقدر بـ 0.5 بالمائة، ومن خلال هذا الخط يتوقع أن يرتفع إلى 5 بالمائة.
وأضاف: “اليوم حجم التعاون الاقتصادي بين الجزائر ونيجريا دون احتساب مشروع أنبوب الغاز بين 0.8 و1 بالمائة، ويتوقع أن يرتفع إلى 7 بالمائة”.
خفض الأسعار..
يرى متتبعون للشأن الاقتصادي والنقل البحري أن أسعار وتكلفة النقل البحري تختلف حسب المسافات، قفزت هذه الأسعار من الصين إلى الجزائر من 3000 دولار إلى 25 ألف دولار تقريبا، ما يعني رقما مذهلا.
وقدم بوطالبي مثالا عن نقل بضائع من وجهات بعيدة، في بواخر ضخمة، وقال: “يعلم الجميع أن نقل البضائع عبر البواخر عن طريق المحيط يستغرق مدة لا تقل عن 14 و15 يوما، وإذا كان سريعا يستغرق حوالي 7 أو8 أيام على اقل تقدير، إلى ميناء لاغوس ثم يتم نقلها إلى بلدان غرب إفريقيا، ووسط إفريقيا.
ومن خلال هذا الطريق يمكن أن تصل السلع من حوض المتوسط إلى دكار في مدة زمنية لا تتعدى 4 أيام وبالتالي تنعكس على التكلفة النقل وسعر البضائع والسلع”، ويتوقع أن تخفض فاتورة النقل الضائع عبر الطريق العابر للصحراء إلى 30 بالمائة.
وأشار محدثنا إلى مشروع تشييد خط سكك حديدية، الذي أمر به رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون من الشمال إلى الجنوب من تمنراست، ثم مدينة لاغوس غربي نيجيريا ثم دول غرب إفريقيا، وهو مشروع سيساهم في نقل البضائع في ظرف يوم أو يومين، “وبالتالي خفض تكلفة النقل، ما ينعكس على أسعار السلع إضافة إلى تنمية وإنعاش الولايات الوسطى والجنوبية”.
وسيساهم الطريق العابر للصحراء في تنمية المناطق الحدودية، وشمال دول الجوار مثل شمالي مالي والنيجر من خلال توفير مناصب شغل وتحسين مستوى المعيشة وإضفاء حركية اقتصادية في هذه المناطق الحدودية، حسب المتحدث.
توجهات إفريقية..
وتعمل الجزائر على التأسيس لعملية التنمية في إفريقيا، نظرا لامتدادها في القارة وعلاقاتها السياسية والاقتصادية الطيبة، من خلال دعم البنية التحتية للدول الإفريقية، وهي أرضية ترتكز عليها عملية الاستثمار، وتؤكد الجزائر دورها القاري في إطار مشاريع استثمارية تنموية في مختلف القطاعات الاقتصادية.
وعلى ضوء دراسة أنجزها مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، أوصت بإنشاء رواق اقتصادي عبر آلية إقليمية تضمن تنسيق فعال بين البلدان الأعضاء من أجل تثمين الطريق العابر للصحراء.
وأوضح بوطالبي أن المشاريع الأممية في إفريقيا هي أربعة :
- الجزائر إلى لاغوس بنيجيريا مرورا بكوت دي فوار.
- من مصر إلى داكار السنغالية مرورا بشمال ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب، الصحراء الغربية، موريتانيا ودكار.
- الخط من مصر إلى كيب تاون بجنوب إفريقيا .
- الخط الرابط من ليبيا إلى كيب تاون بجنوب إفريقيا.
وأشار بوطالبي إلى طريق الجزائر- نواكشط سيكون بوابة لولوج دول إفريقية عديدة، وفق صيغة امتياز، تسمح للجزائر باستغلال منشأة طرقية على طول 775 كيلومتر لمدة 10 سنوات قابلة للتجديد، وقال: ” مهم من حيث مدة توصيل السلع إلى دولة موريتانيا ثم إلى مالي وحتى إلى داكار بنيجيريا”.
وأضاف “اعتقد انه ستكون عند انتهاء من هذه المشاريع حركية اقتصادية، وتقدم إضافة إلى كل الدول التي أنظمت إلى الاتفاقية القارية، خاصة وأنها ستستفيد من الإعفاءات الجمركية”.
وأوضح المتحدث أنها فرصة أمام الجزائر لربط موانئها المطلة على البحر الأبيض المتوسط بالعمق الإفريقي، من أجل رفع نسبة النمو وحجم المبادلات التجارية وإنعاش اقتصاد البلاد بمداخل خارج قطاع المحروقات.
أسواق جديدة..
وتعرف العديد من البلدان في القارة الإفريقية في السنوات الأخيرة، نموا ملحوظا -حسب أمين بوطالبي- الذي يرى أن الخط العابر للصحراء سيساهم في إنعاش العديد من المصانع في الجزائر ربما تعاني نقص المبيعات.
يقول بوطالبي: “تجد دول إفريقية عديدة، مثل غانا لها مشاريع هامة في قطاع السكن، حيث يرتقب بناء 3 ملاين وحدة سكنية، فهي تحتاج إلى كميات كبيرة من مواد البناء مثل الاسمنت الأجر والحديد المواد الطاقوية، والجزائر تمتلك مصانع قوية في هذه القطاعات”.