تعمل المؤسسة الأهم والأكبر في إفريقيا في قطاع الطاقة الشركة الوطنية لنقل وتسويق المحروقات “سوناطراك”، على توسيع محفظتها الاستثمارية في الجزائر والعالم، من خلال استثمار أزيد من 39 مليار دولار أمريكي، بين عامي 2022 و2026 للحفاظ على تنامي مستوى إنتاجها من الهيدروكربونات.
يعتزم مجمع سوناطراك انجاز استثمارات في الجزائر بقيمة 59 مليار دولار على المدى المتوسط، في إطار إستراتيجية 2030، منها 45.8 مليار دولار في الإنتاج والتصدير 8.6 مليار دولار في التكرير والبتروكيمياء 2.3 مليار دولار في النقل بالأنابيب.
ومن بين الـ 39 مليار دولار المرصودة للاستثمار على المدى القريب، تم استثمار 6 مليارات دولار في 2022، حيث وقعت “إيني” عقدا مع شركة “سوناطراك”، لتطوير حقول محروقات في حوض بركين، وهو أول عقد بموجب قانون المحروقات الجديد، الذي أُقر شهر ديسمبر 2019، وصدرت النصوص التطبيقية المنظمة له بعد ذلك، وتضمن القانون الجديد تحفيزات ضريبية وجبائية وجمركية للشركات الأجنبية، خصوصا خلال مرحلة الاستكشاف والتنقيب والإنتاج.
وتسعى سوناطراك كذلك لتحقيق هدف بعيد المدى من أجل بلوغ حجم إنتاج يقدر بـ 20 مليار متر مكعب سنويا من الموارد غير الاحفورية ليصل الحجم إلى 70 مليار متر مكعب مع حلول سنة 2040.
آفاق واعدة
ساهم قانون المحروقات الجديد، في توسيع آفاق الاستثمار أمام الشركات الأجنبية العاملة في الجزائر أو التي ترغب في مباشرة مشروع استثماري في الجزائر لأول مرة في قطاع الطاقة، ووقعت أيضا شركة سوناطراك، مذكرة تفاهم مع شريكها النرويجي إيكونور EQUINOR “شتات أوتل سابقا”، لبحث فرص التعاون في مجالات الاستكشاف وإنتاج المحروقات في الجزائر وفي دول أخرى، وحماية البيئة، والتكنولوجيات الجديدة والأداء العملياتي.
وكانت سوناطراك قد وقعت ما لا يقل عن 10 اتفاقيات ومذكرات تعاون مع شركات طاقة دولية كبرى لبحث الاستثمار في إطار قانون المحروقات الجديد، بمجرد سريان مفعوله.
ومن بين أبرز الشركاء في الاتفاقيات التي جرى توقيعها نجد كلا من شركة “تيباو” التركية، و أوكسيدينتال “أوكسي” و “شيفرون” و”اكسون موبايل” الأمريكية، و”توتال” الفرنسية، إضافة لعملاقي الطاقة الروسيين “غاز بروم” و”لوك أويل”.
ويرتقب تنظيم مناقصة دولية كبرى للمحروقات في الثلاثي الأول من 2022، بعد أن تأجلت أكثر من مرة لظروف صحية تتعلق بجائحة فيروس كوفيد- 19 والقيود التي تتعلق بها، وكان قد أكد وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب شهر ديسمبر الفارط، ان الجزائر تنوي الاعلان عن مناقصة خلال عام 2022، مخصصة للشركات الدولية من أجل البحث واستغلال المحروقات، الا انه اوضح ان هذه المناقصة مرهونة بوضعية السوق.
الاستثمار في الخارج.. توجه إستراتيجي
تعمل سوناطراك منذ عهد الانفتاح الاقتصادي على تطوير قدراتها الحيوية في الاستثمار والتمويل بعد أن طورت إمكانياتها في هذا الجانب، ومضت الشركة قُدما في تنفيذ عديد الاستثمارات بالخارج في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، والتي تأثر بعضها بالأزمات السياسية والأمنية التي مرت بها بعض البلدان، إضافة لانخفاض أسعار النفط في السوق الدولية وما ترتب عنه من تراجع الاستثمارات الدولية في القطاع والتي قدرت بحوالي 1000 مليار دولار منذ 2013.
ومن بين أبرز الاستثمارات الإستراتيجية التي قامت بها الجزائر هو تنفيذ خط أنبوب الغاز “ميدغاز” الذي يجري من خلاله توريد الغاز لكل من دولتي إسبانيا والبرتغال، حيث جاء الانبوب وفق مخططات الجزائر الرامية لتنويع خياراتها في التصدير في ظل تحولات وتفاعلات إقليمية خاصة في الجهة الغربية.
واتفقت الجزائر والنيجر ونيجريا لوضع خارطة طريق لتنفيذ أنبوب غاز عابر للصحراء ويتضمن هذا المشروع إنجاز خط أنابيب للغاز يزيد طوله عن 4000 كيلومتر يمتد من نيجيريا وصولا إلى الجزائر مرورا بالنيجر، من أجل نقل “عدة مليارات” متر مكعب من الغاز وذلك باستخدام شبكة أنابيب الغاز الجزائرية.
وكانت “سوناطراك” أعلنت شهر فيفري الجاري، عن توقيع عقد بين شركتها الفرعية “سوناطراك الدولية للاستكشاف وإنتاج النفط “SPEX BVI” مع وزارة البترول والطاقة والطاقات المتجددة لجمهورية النيجر، حول تقاسم الإنتاج على مستوى في منطقة كفرا النفطية.
وتشارك سوناطراك من خلال الشركة الفرعية “SPEX BVI” في أنشطة المنبع بالعديد من الدول الإفريقية (تونس، ليبيا، مالي، النيجر) وبأمريكا اللاتينية (البيرو) حيث تمتلك الشركة عقود ومساهمات في مشاريع نفط وغاز كمستثمر أو كمتعامل.
وفي إطار عودة الشركة للاستثمار في ليبيا أوضح الرئيس المدير العام لشركة سوناطراك، توفيق حكار، شهر فيفري الجاري من العاصمة الليبية طرابلس، أن حجم استثمارات الشركة الوطنية في مجال الاستكشاف في ليبيا سيصل قريبا الى حدود 200 مليون دولار مستقبلا، مقابل 150 مليون دولار حاليا، حيث أعرب حكار عن رغبة المجمع في الاستثمار في حقول جديدة في ليبيا.
ووقعت سوناطراك شهر أكتوبر الفارط من العام الماضي، 3 عقود لتطوير المشروع البتروكيماوي لإنتاج البولي بروبيلين، في مدينة جيهان التركية، باستثمارات تصل إلى 1.7 مليار دولار، التي جاءت تتويجا للعمل والمفاوضات المتواصلة طوال عامين.