يعمل المركز الوطني للمصادقة على البذور والمشاتل، بالشراكة مع المعاهد التابعة لوزارة الفلاحة والغرف الفلاحية وبعض الجمعيات المتخصصة، على جمع الأصناف القديمة لبذور الحبوب، وهو ما يسمح، حسب مديرة المركز، زكية ملاح، بحماية البذور النباتية من الانقراض، لأنها تعتبر موردا حيويا وذات أهمية كبيرة في التنمية المستدامة للفلاحة.
أوضحت ملاح، في لقائها مع “الشعب”، أن أصناف بذور الحبوب القديمة، ستخضع، بعد جمعها، إلى تجارب رسمية وتحاليل مراقبة على مستوى المركز الوطني للمصادقة على البذور والمشاتل، قبل تخزينها على مستوى بنك البذور المنشإ حديثا، وتسمح هذه الخطوة، بحسبها، بتجديد المخزون الوطني لأصناف البذور.
وأكدت ملاح، أن بنك البذور يعد نقطة انطلاق تحسين النبات، ومن جهة أخرى هو خزان لجمع البذور المحلية، مشيرا إلى وجود “أصناف قديمة لا نعرفها، ونقوم حاليا بجردها وجمعها”، وقد تم تسجيل البعض منها في الفهرس الجزائري، على غرار صنف محمد بن بشير، بالرغم من عدم وجوده في المثلث الهرمي للبذور، ولكنه موجودة في البنك، صنف “لونقوا”، صنف “كريم”.. وذكرت أن الأصناف القديمة لو تزرع، لن تعطي نفس المردود العالي الذي كانت تعطيه قديما، لذلك توجد عمليات التحسين الجيني، لتكثيف النبتة وجعلها تتأقلم مع التغيرات المناخية الراهنة.
وأكدت ملاح، أن المركز الوطني للمصادقة على البذور والمشاتل، يسهر على تطبيق القوانين فيما يخص مراقبة وتصديق البذور والشتائل، وتسجيل الأصناف الجديدة في الفهرس الرسمي، والمرافقة التقنية لكل المؤسسات المنتجة للبذور والشتائل العمومية أو الخاصة، حيث يتم منح الاعتماد لإنتاج البذور من طرف لجنة يرأسها مدير المركز، وتضم ممثلين عن الوزارة والمعاهد التقنية، بعد التأكد عن طريق التجارب من احترام المؤسسة المنتجة للبذور كل الشروط المنصوص عليها في الدفتر المحدد لهذا النشاط.
وبخصوص جودة البذور المحلية، أكدت ملاح أن بذور الحبوب المحلية عالية الجودة، وقد تمكنت الجزائر من تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا المجال، حيث لا تستورد أي كمية منها منذ سنوات.
وأشارت إلى أن أصناف البذور تخضع لتجارب رسمية قبل تسجيلها في الفهرس الوطني، فإذا ظهرت أنها ذات جودة عالية ومقاومة للأمراض والجفاف، تسجل بعد تأكيد اللجنة الوطنية، التي يترأسها الوزير، صحة البذور، وإذا كانت قليلة الجودة لا تسجل، وقالت: “توجد أصناف تأتينا من الخارج، في بلدها تعطي نتائج أفضل، ولكن في الجزائر لا تتكيف مع المناخ لذلك نرفض تسجيلها”.
وأبرزت ملاح، أن المسار التقني لديه دور كبير في رفع مردود الهكتار الواحد إلى معدلات كبرى تسمح بتلبية الاحتياجات الوطنية، بالإضافة إلى توفر المياه، واختيار أصناف البذور المتكيفة مع مناخ كل منطقة، مشيرة إلى أن زراعة الحبوب في الجزائر مازالت مرتبطة بالتساقطات المطرية، وهذا ما يرهن رفع معدلات الإنتاج، بالرغم من أن الفلاح اليوم أصبح يعي تأثير هذه العوامل، وأصبح يتبع المسار التقني، لذلك وجب التوجه إلى حلول أخرى واعتماد السقي التكميلي.
وذكرت أن التجارب التقنية للبذور، تقام في كل منطقة، وتأخذ بعين الاعتبار تغير المناخ، فمثلا صنف “فيترون” يعطى إنتاجا وفيرا في مناطق قسنطينة، سطيف، تيارت، عين الدفلى، سيدي بلعباس، وصنف “السيميتو” يعطي مردودا مرتفعا في الصحراء، وصنف “هدبة” و«ساناش”، يعطيان مردودا أفضلَ في الهضاب العليا.
وشددت ملاح، التأكيد على أن الفهرس الرسمي الجزائري للحبوب، يسير وفق تحاليل ذات جودة يستحيل التشكيك في نتيجتها، وتسجيل أي أصناف جديدة لا يكون إلا بعد تجارب وبروتوكولات دقيقة يقوم المركز، وفق القوانين ومعايير دولية تخص التميز، التجانس والاستقرار، تتم وفق المعايير الدولية، وتتبع الاتحاد الدولي لحماية الحيازة النباتية، للتأكد ان الصنف المراد تسجيله متميز عن باقي الاصناف، متجانس ومستقر، كما يقوم المركز بتجربة القيمة الزراعية والتكنولوجية، في مختلف مناطق الجزائر، لتحديد مردود الصنف الجديد مقارنة مع الأصناف المستعملة كشواهد، ولا يجب أن يعطي مردودا أقل من الأصناف الشواهد وإلا لا يسجل.
وتسمح تجارب القيمة التكنولوجية للمتعاملين المختصين في الصناعة التحويلية، بإيجاد أصناف تتأقلم مع مختلف الاستخدامات سواء لإنتاج الخبز أو المطاحن أو المخابز أو منتجي العجائن الغذائية، مثلا بالنسبة للقمح الصلب يكون عندهم لون السميد جيدا، وكل هذه الخصائص تعرف بعد التجارب التي تقام على مستوى المركز للتأكد من أن الصنف يحتوي على أكبر عدد ممكن من الخصائص من أجل تلبية حاجيات أصحاب الصناعات التحويلية.
ويضم الفهرس الجزائري، أكثر من 200 صنف لبذور المحاصيل الكبرى الحبوب خاصة، و200 صنف بذور البطاطا ونحو 600 صنف لأشجار المثمرة والكروم. وكشفت ملاح عن التحضير لقوانين جديدة تسمح بتوسيع تسجيل أصناف البذور ليشمل البقوليات الغذائية، الثوم والبصل والطماطم، والبذور الزيتية: الصوجا والذرة، وهذه الخطوة ستعزز عمليات إنتاج بذور وفق حاجيات الفلاحين والاستهلاك الوطني.