شكّل الإعلان عن قرار إنشاء ديوان وطني لشراء المنتجات ذات الاستهلاك الواسع لدى الفلاحين، ارتياحا كبيرا لدى الناشطين والمصالح المشرفة على إدارة وتسيير هذا القطاع الحيوي على مستوى ولاية بومرداس، التي تعتبر منطقة فلاحية بامتياز بمساحة تناهز 63 ألف هكتار صالحة للزراعة، كما أنّها رائدة في بعض الشعب منها شعبة عنب المائدة التي تقدم 53 بالمائة من الانتاج الوطني، بمساحة تزيد عن 17 ألف هكتار، لكنها تعاني عدة عقبات في تسويق المنتوج الفائض ممّا ينعكس سلبا على مجهودات المنتجين.
ثمّن الأمين الولائي للاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين ببومرداس، سباوي صادق، قرار رئيس الجمهورية بإنشاء ديوان وطني لشراء المنتجات الفلاحية من خضر وفواكه قابلة للتخزين مثل البصل، الثوم والبطاطا، بغرض تحقيق التوازن في السوق الوطنية، معتبرا أنّ “القرار خطوة هامة وتشجيعية للفلاحين، لتحفيزهم على النشاط وتوسيع مجال الاستثمار لمختلف الشعب المنتجة بالولاية، كما يبث الطمأنينة في أوساط المنتجين والمتعاملين الاقتصاديين، وكل الناشطين في هذا القطاع الحيوي بما هو المرتكز الأساسي للاقتصاد الوطني”.
ودعا الأمين الولائي لاتحاد الفلاحين، بهذه المناسبة، الوزارة الوصية إلى “دعم المشروع الجديد بخطوات إضافية وآليات علمية لتطبيق القرار في الميدان، وتثمينه بما يخدم القطاع والعاملين الذين يتساءلون عن الكيفيات وطرق شراء المنتجات الفلاحية، ومدى انعكاس ذلك على مجمل الأنشطة الفلاحية بولاية بومرداس، وبعض الشعب الرئيسية التي تملك فائضا سنويا في الانتاج.
وقال ممثل الفلاحين بولاية بومرداس إنّ “الإشكالية المطروحة حاليا وسط الفلاحين ومختلف الهيئات الممثلة للقطاع، تتعلق بمصير الديوان الوطني المهني المشترك للخضر واللحوم “اونيلاف”، الذي يقوم بنفس الدور والمهام من الناحية النظرية، بسبب عدم فعاليته في الميدان من ناحية توفير السلع الأساسية وضمان تموين السوق للحفاظ على استقرار الاسعار، وهل يمكن أن يكون الديوان الجديد الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية بديلا للديوان الحالي، أو هو بصلاحيات أوسع في الميدان بما يحقق رغبة المنتجين والفاعلين؟ نفس الأمر بالنسبة لبعض الهيئات والمؤسسات المرتبطة بالقطاع، خصوصا وحدات التخزين والتبريد وغيرها”.
هي إشكالية طرحها الأمين الولائي لاتحاد الفلاحين بولاية بومرداس، وقد تلخّص انشغالات فئة الفلاحين والمنتجين محليا، الذين يتطلّعون لكل ما من شأنه تنظيم القطاع وتدعيمه بكل الوسائل والامكانات الهادفة إلى ترقية مختلف الشعب المنتجة والرفع من المردودية، ومواجهة بعض العقبات الرئيسية التي تعترض المهنيين في الميدان، من أبرزها التسويق الفوضوي الذي بات يشكّل أزمة تؤثر سلبا على النشاط، مقابل ازدهار الوضعية المادية للمضاربين والتجار وأصحاب المربعات بأسواق الجملة، الذين يستغلّون هذه الوضعية على حساب مجهود الفلاح والمنتج.
شعبة الحبوب..تحدّيات استرجاع المساحة المفقودة
يرى بعض الفلاحين والمنتجين في قرار إنشاء الديوان دعما كبيرا للقطاع، الذي يبقى بحاجة لمثل هذه الإجراءات التنظيمية لترقية النشاط وتثمين مختلف القدرات والمجهودات التي يقوم بها الفلاح، في حين، اعتبره البعض الآخر قرارا يذكر الجميع بالدور الكبير الذي كانت تقوم به مثل هذه الهيئات في فترات سابقة على غرار ديوان الفواكه والخضر الجزائري “أوفلا”، الذي لعب دورا كبيرا في تنظيم مجمل التعاملات التجارية والتسويقية من خلال قيامه بشراء المنتجات الفلاحية وإعادة تسويقها بأسعار معقولة تحمي المستهلك والفلاح معا.
ويمثّل قرار إنشاء ديوان وطني لشراء منتجات الفلاحين، لبنة أساسية ومكسبا مهما للفلاحين، ويأتي كإضافة لمجمل التدابير والاجراءات القانونية والمادية التي تدعم بها القطاع الفلاحي في السنوات الأخيرة، كان من أهمها قرار إعادة النظر في أسعار اقتناء الحبوب لدعم الفلاحين والمزارعين في شعبة الحبوب والبقوليات الجافة، حيث ارتفع سعر اقتناء القمح الصلب من 4500 دينار إلى 6 آلاف دينار للقنطار، 5 آلاف دينار للقمح اللين بدلا من 3500 دينار، الشعير 3400 دينار بدلا من 2500 دينار ثم مادة الشوفان التي ارتفع ثمنها إلى 3400 دينار للقنطار.
مقابل هذا، تبقى شعبة الحبوب الاستراتيجية أكثر المعنيين بمثل هذه التدابير الإجرائية، في مواجهة تحدّيات كبيرة بولاية بومرداس بسبب تقلص المساحة المزروعة من سنة إلى أخرى، نتيجة زحف بعض الشعب الصناعية الاستهلاكية كشعبة عنب المائدة، حيث كشفت الأرقام المقدمة من قبل المصالح الفلاحية خلال انطلاق موسم الحرث والبذر، أنّ المساحة الزراعية لم تتعدّ 3 آلاف هكتار بعدما كانت في السنوات الماضية تناهز 4500 هكتار ثم تراجعت إلى 3800 هكتار، منها 3600 هكتار من القمح الصلب، مع تسجيل تراجع في كمية الانتاج كتحصيل حاصل لهذه المتغيرات السلبية قدرت بحوالي 100 ألف قنطار خلال الموسم الماضي و80 ألف قنطار سنة 2021، أي بمعدل 25 قنطارا في الهكتار، بعيدا عن المعدل المتوسّط المقدّر بـ 40 قنطارا.
ان ا نشاء ديوان وطني لشراء المنتجات الفلاحية يعتبر مكسبا للفلاحين ولهذا يجب تطبيقه في الميدان وتثمينه