يقدر حجم الأموال المتداولة في السوق الموازية بالجزائر بـ10 آلاف مليار دج، أو ما يعادل 90 مليار دولار، بحسب الأرقام الرسمية. غير أن هذه الكتلة النقدية الضخمة تدور خارج الإطار القانوني، ومعالجة هذه المعضلة تتطلب تحفيزات بنكية وفتح شبابيك الصيرفة الإسلامية، بحسب ما يرى الخبير في الاقتصاد أحمد طرطار.
تمثل السوق الموازية عبئا كبيرا على الدولة، وكذلك على الشعب، باعتبارها تنشط خارج الإطار الرسمي، وبالتالي لا يستفاد منها من حيث الضرائب أو من حيث إعادة تدوير أموالها في المصارف ولا في تمويل التنمية، بحسب ما صرح الخبير طرطار لـ «الشعب»، قائلا إن كثيرا من الأموال الضخمة تنشط في هذا الإطار، وتستأثر بكثير من الأنشطة المختلفة.
وذكر محدّثنا، أنه رغم الجهود التي بذلتها الدولة لمحاربة السوق الموازية، إلا أن الحقيقة تبقى دائما «مُرّة»، لأن إمكانية السيطرة عليها أصبحت، بنظره، «شبه مستحيلة»، بحكم الظروف التي واكبت العشريتين الأخيرتين، وتزايد الحاجة ونقص القدرة الشرائية لدى المواطنين، ما جعلهم يتوجهون الى الأنشطة الموازية المكملة، وبالتالي تجد هذه الأخيرة إشكاليات كبيرة في متابعتها، وهذا ما يحتم على الدولة السعي لإيجاد البدائل للسيطرة على هذا القطاع الذي يمثل حسب التقديرات أزيد من 40٪ من الاقتصاد.
ويمكن ترويض هذا القطاع للدخول في الإطار الرسمي – يقول المتحدث – وذلك باستقطاب أصحاب الأنشطة في هذا القطاع لانخراطهم في السجل التجاري ومنظومة النشاط الوطني. وهنا يأتي دور الدولة من خلال التكثيف عملية الرقابة والمتابعة الدورية للسوق الموازية، وجلب الناشطين فيها الى السوق الرسمية.
ولتحقيق ذلك، يقترح طرطار فرض شروط صعبة على كل متداول لأنشطة خارج الإطار الرسمي لتصل إلى نوع من العقوبات الزجرية، وهذا ما يؤدي – بحسبه – إلى الدفع به للانخراط مجددا في الاقتصاد الرسمي. كما يرى من الضروري وضع تسهيلات لاستقطاب الأموال التي تدار خارج هذا الإطار، بالإضافة الى فتح البنوك والشبابيك الخاصة، وإتاحة تسهيلات كثيرة مما يؤدي الى استقطاب هذه الأموال.
وذكر طرطار – في السياق – أن الجزائر عكفت على معالجة هذه المعضلة، واستطاعت أن توفر أرضية، سواء ما تعلق بجلب هذه الأموال للاستثمار، وبالتالي أتاحت مناخا إيجابيا لهذا الأخير، وكذلك بالنسبة لإيداع الأموال في البنوك وحث أصحابها على الرجوع الى الإطار الرسمي منذ وضع القرض السندي، والآن تم فتح شبابيك الصيرفة الإسلامية والتي تؤدي الى استقطاب أكبر لهذه الأموال المكتنزة والتي تدور في الإطار الموازي.
جميع الإجراءات -يؤكد الخبير- محفزة لاستقطاب هذا الاقتصاد الموازي والأموال المتأتية منه، وتفعيلها في المجال الرسمي، وبالتالي خضوعها للضريبة والدورة الاقتصادية، مما يساهم في استحداث التنمية الاقتصادية المنتظرة منها، كما يمكن أن تشكل ريعا إضافيا للمجتمع مما يؤدي الى تكثيف الأنشطة وتداولها بشكل أفضل، ويعتقد أن ذلك سيؤدي الى تنافسية أكثر، مما يؤثر على السعر والقدرة الشرائية للمواطن.