أشاد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، خلال إشرافه يوم الخميس، على لقاء الحكومة بالولاة بقصر الأمم، بالجهود التي يبذلها الولاة من أجل حلّ المشاكل التي تعيق تسيير بعض المؤسسات الاقتصادية، الأمر الذي سمح في ظرف وجيز، مثلما قال من “استحداث المئات من الوحدات الاقتصادية وفتح نحو 52 ألف منصب شغل”، مشدّدا على ضرورة الحفاظ على هذه الوتيرة مستقبلا.
ثمّن رئيس الجمهورية، العمل الذي قام به الولاة ومختلف الوزارات ومؤسسات الدولة في مسار إنقاذ الاقتصاد الوطني، حيث قال إنّه “تمّ الوصول إلى نتيجة نحسد عليها، ونادرا ما يتم تحقيقها في ظل الوضع الاقتصادي العالمي القائم الذي يعرف تقهقرا اليوم بعد الآخر”.

وفي هذا الشأن، يرى الخبير الاقتصادي البروفيسور مراد كواشي، في تصريحات لـ “الشعب”، أنّ الملاحظ هو وضع التنمية المحلية ضمن الأولويات، ويمكن لمس ذلك من خلال تركيز رئيس الجمهورية الدائم عن مناطق الظل، وعلى ضرورة بعث التنمية فيها، وقد تلى ذلك، إطلاق مبادرة عقد اجتماع مجلس الحكومة في ولايتين تنقصهما التنمية وهما خنشلة وتيسمسيلت في 2022، وهذا من أجل إعطاء دفع لبرامج التنمية فيهما، واستفادت الولايتان من أغلفة مالية إضافية من شأنها التعجيل بتنفيذ هذه البرامج، علاوة على المواظبة على لقاءات الحكومة والولاة التي أصبحت سنّة حميدة، يتابع ويقيّم من خلالها الرئيس كل التوصيات والتعليمات التي سبق وأن أسداها للولاة والحكومة، على حد سواء.
تقليص فاورة الاستيراد إلى نحو 38 مليـار دولار كواشي: الجزائر حقّقت معدّل نموّ اقتصادي جيد جدا
ويضيف المتحدّث، أنّه ومن أجل إعطاء دفع قوي للتنمية المحلية، خاطب رئيس الجمهورية الولاة بكل صراحة، مثمّنا مجهوداتهم ومحفّزا إياهم، من خلال رفع التجريم عنهم في العمل الإداري، كما طالبهم في نفس الوقت بضرورة بذل مجهودات إضافية.
وهذا لا يتم حسب البروفيسور كواشي إلاّ من خلال تغيير طرق التسيير، باعتماد مقاربة مانجيريالية اقتصادية يتحوّل من خلالها الولاة إلى رجال ميدان بامتياز، ويساهمون في صناعة الثروة داخل ولاياتهم، عن طريق مرافقة وتشجيع الاستثمارات على المستوى المحلي، ورفع الحواجز البيروقراطية والترويج للمزايا الاستثمارية التي تتميز بها ولاياتهم، ويضيف الخبير، أنّ إعادة النظر المرتقبة في قانون البلدية والولاية من شأنها أن تمنح مزيد من الصلاحيات للمسيرين في الجماعات المحلية، وعلى رأسهم الولاة.
وخلال ذات اللّقاء، استعرض الرئيس أيضا، جملة المؤشّرات التي تؤكّد سير الاقتصاد الجزائري في المسار التنموي الصحيح والخلاّق للثروة، أهمها التقليص من الاستيراد دون حرمان المواطن أو تعريضه للتقشف، والذي تمّ بفضل “إيقاف الاستيراد المزيّف”، كما وصفه الرئيس تبون، موضّحا في ذات النسق بأنّه تمّ تقليص فاتورة الاستيراد من 63 مليار دولار سنويا إلى نحو 38 مليار دولار، مؤكّد أن هذا المسار سيتواصل مستقبلا، أما بالنسبة للصادرات، فقد أعرب عن أمله في أن تتضاعف مداخيلها مستقبلا بعد أن تمكّنت الجزائر لأول مرة في تاريخها من تصدير ما يقارب 7 مليار دولار خارج المحروقات السنة الفارطة.
ويؤكّد البروفيسور مراد كواشي في هذا الجانب، أنّ الجزائر حقّقت معدل نمو اقتصادي “جيد جدا” في 2022 (4.1 %)، وهذا بالنظر إلى الأوضاع الاقتصادية الدولية التي تميزت بالكساد والتضخم الكبير الذي يشهده الاقتصاد العالمي، حيث لم تستطع اقتصاديات كبيرة تحقيق هذا المعدل، ويعود هذا أساساً إلى تضافر جهود مختلف القطاعات، ودعم الصادرات خارج المحروقات وزيادة عدد الاستثمارات، وكذا الإفراج عن عدد كبير من المشاريع الاستثمارية التي كانت مجمّدة، ما وفّر الكثير من مناصب الشغل.
كما أنّ الاستفادة من الأزمة الطاقوية العالمية، سمحت بزيادة صادرات الجزائر من الغاز، مع مراجعة لأسعار الغاز مع أهم زبائنها الأوروبيين، ناهيك عن أنّ التحكم في فاتورة الاستيراد، كان له أثر إيجابي كبير على الميزان التجاري الذي سجل فائضاً بقيمة تجاوزت 18 مليار دولار، وكلها عوامل ساهمت في ارتفاع احتياطي الصرف من العملة الصعبة إلى 60 مليار دولار أمريكي.
ويضيف ذات الخبير، أنّ تحدّي الجزائر في 2023 يتمثّل في الاقتراب أكثر من الانضمام إلى مجموعة “بريكس”، ولتحقيق ذلك، هناك رهانات كبيرة يجب تجاوزها، مثل تحقيق معدل نمو اقتصادي يصل إلى مستوى 5 %، وكذا الرفع من حجم الناتج الداخلي الخام على الأقل إلى حدود 200 مليار دولار. ويؤكّد كواشي أنّ الاستمرار بنفس وتيرة الإصلاحات التي أطلقها رئيس الجمهورية، وبنفس وتيرة التسارع الاقتصادي الحالية، سيمكّنها من تحقيق معدل النمو المنشود، وهو 5 %، ومنه ولوج تكتل “بريكس” بكل ثقة.