سجلت المؤسسة العسكرية حضورا قويا من خلال وحداتها الإنتاجية، التي تعمل على تلبية حاجيات السوق الوطنية، لحماية الاقتصاد الوطني من الوقوع رهينة للاستيراد الذي يكبد الخزينة العمومية أموالا طائلة من العملة الصعبة.
مهمة تتحملها إلى جانب الدفاع عن سيادة الوطن وأمنه، في منعرج جيو ـ استراتيجي عالمي، جعل من الأمن الرقمي والطاقوي والغذائي مؤشرات تحدد السيادة، وهي المجالات التي حققت فيها المؤسسة العسكرية إنجازات تحسب لها وللجزائر، يعول عليها في تلبية حاجيات المؤسسات الوطنية عمومية وخاصة، أجمعت على جودة وجدية خدماتها، ما يدل على الصرامة والالتزام بأداء المهام.
وقفت الصناعات العسكرية شامخة في مهمة إيصال رسالة التواجد الدائم في كل تفاصيل الحياة الوطنية للبلاد، من الأزمات إلى تجسيد الاستراتيجيات، إذ لا يمكن الحديث عن بناء الاقتصاد الوطني دون أن نعرج على المؤسسة العسكرية.
توقفت “الشعب” بإحدى مديرياتها، ويتعلق الأمر بالمديرية المركزية للعتاد التي تتكون من عدة وحدات، كانت القاعدة المركزية للإمداد، إحدى محطات فريق “الشعب”، بالقاعدة المركزية للإمداد “الشهيد محمد سعودي، المدعو سي مصطفى”، ببني مراد، التابعة للمديرية المركزية للعتاد بالناحية العسكرية الأولى بالبليدة، حيث قدم لنا مدير الإنتاج بها، العقيد غربي محمد فوزي لمحة عن طبيعة نشاطها.
تجديد وصيانة المنظومات الالكترونية
تعمل هذه القاعدة، يقول العقيد غربي، على توجيه خدماتها في مجال الصناعة، في مجال الميكانيكا وقطع الغيار وتصليح المنشآت الكبيرة والإلكتروميكانيك، والبناء المعدني، لفائدة المؤسسات الوطنية من أجل المساهمة في خفض فاتورة الاستيراد، حيث تمتلك عدة ورشات مستقلة لكن متكاملة، مكونة من خط تكنولوجي متكامل، للصناعة الميكانيكية ذات القدرات الكبيرة. وصلت نسبة الإدماج بها إلى 45 %، من بينها ورشة المعالجة الحرارية، تتم داخل أفران وأحواض للصلابة، لجميع قطع الغيار المصنعة من قبل، وورشة المعالجة السطحية لمختلف القطع ضمن سلسلة معالجة تتكون من التلبيس كالنحاس، النيكل، الزنك، الكروم، الزنك، والكروم الصلب ورشتي الحدادة والسباكة. بالإضافة إلى ورشة إعادة التهيئة للأجهزة الإستراتيجية، كالتوربينات البخارية والغازية، وتصليح الضاغطات والمضخات والمحركات الكهربائية ذات التوتر المنخفض والمعتدل والأعمدة الدورانية للمعدات الكهربائية العملاقة.
الاستفادة من كفاءات مراكز التكوين المهني
أما عن التركيبة البشرية للمؤسسة، فقد أكد مستضيفنا بنبرة افتخار، على أنها كفاءات جزائرية من مهندسين وتقنيين، تتمتع بتكوين عالي المستوى وخبرة قوية في مجال التصنيع. بالإضافة إلى الحصة الكبيرة من التوظيف التي تم منحها لصالح الطلبة من خريجي مراكز التكوين المهني، الذين تعمل القاعدة المركزية على الاستفادة من سواعدهم، من خلال مركز لتعليم الحرفيين والمتربصين من مراكز التعليم المهني، لاختيار أكفأهم فيما بعد. كما تسهر قاعدة الإمداد على الرسكلة المستمرة لمهنييها من أجل ضمان الاحترافية ومواكبة التكنولوجيات الحديثة، خاصة ما تعلق بمجال الرقمنة، للتمكن من استعمال مختلف آلات القطع ذات التحكم الرقمي، كآلة تقطيع بالنفث بالماء وآلة التقطيع بالليزر وآلة التقطيع بالبلازما.
كما تقوم الوحدة بصناعة مختلف قطع الغيار لتغطية طلبات العديد من الشركات الوطنية على رأسها، “سوناطراك”، الجزائرية للمياه، سونلغاز وقطاع الصيد البحري، وفي هذا الصدد ذكر العقيد غربي أن القاعدة المركزية للإمداد، قد قامت بإبرام عدة اتفاقيات مع عدة شركات عمومية، من بينها “صيدال”، “سوناطراك” إلى جانب الشركة الوطنية للمناجم، وهذا وفقا لتعليمات القيادة العليا الرامية إلى دفع قاطرة الصناعة العسكرية إلى الأمام وتأمين الاحتياجات الوطنية من مختلف المعدات التي كانت تستورد بأسعار خيالية يمكن الاستغناء عنها، لإمكانية تصنيعها محليا بمعايير جودة عالمية وبأسعار تنافسية.
مؤسسات وطنية تبحث عن فرص شراكة
زيارتنا لأحد أجنحة الصناعة العسكرية الجزائرية، تزامن وتواجد مدير قسم أشغال السطح بالمؤسسة الوطنية لخدمات الآبار، مولود زنير، الذي تنقل من حاسي مسعود، مقر نشاط المؤسسة إلى المعرض من اجل البحث عن فرص شراكة مع المؤسسة العسكرية تبعا، وقد عبر عن إعجابه بتوفر معدات على المستوى المحلي، كانت تستورد بأسعار خيالية وتكلف الدولة فواتير باهظة، لاسيما ما تعلق بالمكثفات الإلكتروجينية.
وأضاف المتحدث أن شركة “سوناطراك” وكل الفروع التابعة لها، قد تبنت التوجه الرامي إلى تشجيع المنتوج المحلي وتعميم استعماله في جميع ميادين الإنتاج التي تقوم بها، من خلال عقد شراكات مع المنتجين المحليين وعلى رأسهم المؤسسة العسكرية من خلال وحدات الإنتاج التابعة لها، لاعتبارات عديدة، أهمها الجودة والجدية واحترام آجال التسليم.
وأضاف أن مؤسستهم قد تمكنت فعلا من استبدال العديد من المنتجات المستوردة بالمنتج المحلي، إلا أن نجاح هذه الإستراتيجية، يعتمد على عاملين أساسيين هما التحكم في التكنولوجيات الحديثة، وسياسة تسويق ناجعة للتعريف بالمنتج المحلي من طرف المؤسسات الوطنية، والتقريب بين المنتج والمستهلك من خلال هذا النوع من التظاهرات الاقتصادية والأيام المفتوحة وغيرها من سبل الدعاية والإشهار، حيث اعتبر مولود زنير، أن الجهل بتوفر المنتج محليا، هو أحد أسباب التوجه إلى الاستيراد بكل مساوئه من هدر للوقت، وتجاوز آجال الاستلام وكذا أسعار الجمركة والشحن التي تزايد ارتفاعها بصفة قياسية، مما يكبد المؤسسات الاقتصادية العمومية، أعباء مالية كبيرة.
مخابر معتمدة حسب المعايير العالمية
مؤسسة التجديد وصيانة المنظومات الالكترونية التابعة للمديرية المركزية للعتاد، محطة أخرى توقف عندها فريق “الشعب”، حيث استضافنا المقدم عبد الكريم العايب، ليعرفنا أكثر عن مهامها المتمثلة في الحفاظ على جاهزية العتاد البصري والإلكترو ـ بصري، والوسائل الالكترونية، كالرادارات، المقلدات وغيرها وتصنيع قطع غيار بلاستيكية، وضمان مساعدة تقنية متخصصة، تجديد وصيانة الأسلحة من العيار الصغير.
كما قام بتعريفنا بمركز الهندسة والتطوير في الهندسة والميكانيكا، كوحدة أخرى، تابعة للمديرية المركزية للعتاد، تحوز على مخبر معايرة معتمد حسب المعيار العالمي ايزو 17025 والمعيار العالمي الخاص بمخابر المعايرة والفحص وهو هيئة لتقييم المطابقة، متخصص في معايرة جميع أنواع الأجهزة ومعدات المخابر.
وأكد المقدم العايب على أن كفاءة مهندسي وتقنيي مخبر المعايرة والمستوى العالي للإمكانيات التقنية التي يحوزها، بالإضافة إلى صرامة ونوعية الإجراءات، جعلت من المخبر شريكا موثوقا فيه، بالنسبة للعديد من المجالات كصناعات الطيران، البتروكيمياء، السيارات، الإلكترونيك والكهرباء، الكيمياء والصيدلة، المجال الطبي والبيو ـ طبي ومخابر الخبرة وغيرها وهذا من خلال حزمة خدمات معايرة، مطابقة للالتزامات واحترام المعايير الدولية في مجال علم القياس، تضم أكثر من مئة عنصر قياس في تسع كميات وهي، الضغط، الوزن، الكتلة، الحجم، الكهرباء، الأطوال، التردد، الحرارة والرطوبة وبالتالي فالتحكم في كل سلسلة المعايرة سيسمح للمخبر باقتراح خدمات واسعة، تستجيب لانشغالات شركائه.