تعمل الجزائر جاهدة على تقديم تسهيلات لفائدة المصدرين من أجل ترقية الاقتصاد الوطني. وبفضل الاستراتيجية الناجحة والفعالة، تمكنت من رفع صادراتها خارج المحروقات، وهي تتجه نحو بلوغ 7 ملايير دولار خلال هذه السنة، والسبب يرجع إلى اعتماد جملة من الآليات تتمحور حول ضرورة العمل على ترقية الصادرات غير النفطية، وإزالة كل العراقيل التي تواجه المجال.
قال الأستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي الدكتور هارون عمر لـ “الشعب”، في قراءة لما حققته الجزائر خلال السنة الماضية، إن رقم صادراتها بلغ 4.8 ملايير دولار، وهو رقم لم تحلم بتحقيقه خارج المحروقات، مشيرا أنه بفضل السياسة الجديدة والرؤية الدقيقة لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون ومرافقة المصدرين من خلال منحهم الامتيازات والتسهيلات، تمكنت الجزائر من تحقيق 3.5 ملايير دولار خلال السداسي الأول.
الخطوط البحرية أهم وسيلة لتحقيق رقم صادرات أكبر
وارتكزت الصادرات الجزائرية على مادتين أساسيتين، الحديد والإسمنت، وبعض السلع الأخرى، حيث أن تقدم صادرات الجزائر خارج المحروقات عرف ارتفاعا ملحوظا خلال الأربعة الأشهر الأولى.
وترتكز السياسة الجديدة- بحسب الخبير – على إزالة كل المعوقات، خاصة ما تعلق بغياب التنظيم، حيث أسندت العملية للوكالة التابعة لوزارة التجارة المعروفة بـ “ألجكس” التي تشرف على العملية، مشيرا أنه في حال تقديم امتيازات أكبر للمصدرين، خاصة على مستوى التحويلات النقدية والنقل، لاسيما وأن الجزائر تقوم بفتح مجموعة من الخطوط البحرية مع عديد الدول الأوروبية، على غرار إيطاليا، وكذا بعض الدول الآسيوية “دول الخليج”، يمكنها رفع قيمة صادراتها أكثر.
وأوضح الدكتور هارون، أن الخطوط البحرية أهم وسيلة لتحقيق رقم صادرات أكبر، نظرا لتكلفة الطيران المرتفعة، مؤكدا وجود مؤشرات إيجابية حول إمكانية الرفع من مستوى الصادرات، خاصة خارج المحروقات والزيوت المحولة. إلا أنه ولمعرفة هيكلة الصادرات وترتيبها، ننتظر الإفراج عن التقارير الرسمية التي تطالعنا عن أهم الصادرات التي تتجه الى الخارج. علما أننا سجلنا خلال الثلاثي الأول تصدير حجم كبير من الحديد نحو الولايات المتحدة الأمريكية وأصبحت الجزائر تحتل المرتبة الأولى بقيمة 300 مليون دولار.
أكد المتحدث، أنه ومع رفع المبادلات التجارية في ظل فتح منطقة التجارة الحرة على مستوى الجنوب لتعويض مجال المقايضة، يمكن رفع حجم الصادرات خارج المحروقات، كما يسمح فتح نفس المناطق على مستوى الشرق مع الجارة تونس ودول البحر الأبيض المتوسط من رفع الرقم من 7 ملايير دولار هذه السنة إلى رقم أكبر، في انتظار حلول سنة 2025 التي ستشهد دخول مشروع غار جبيلات حيز الإنتاج من أجل رفع الصادرات إلى حجم أكبر قد يصل إلى 15 مليار دولار بسهولة، بالإضافة إلى منجم الونزة بتبسة الذي يحوي استثمارات في حدود 7 ملايير دولار.
في نفس السياق، قال الأستاذ إن الجزائر تخطو خطوات مهمة في الصادرات خارج المحروقات، بالرغم من أننا نتوقع بلوغ صادرات المحروقات خلال السنة الجارية 50 مليار دولار، التي تناهز حاليا 35 مليار دولار، بارتفاع قدره حوالي 12 مليار دولار مقارنة بالسنة الماضية، ما يؤكد وجود نظرة استشرافية مهمة على التجارة الخارجية، يمكن من خلالها توقع نجاح أكبر في الصادرات خارج المحروقات.
وأوضح المتحدث، أن صادرات الجزائر للمحروقات لا تعاب، كما يعتقد البعض، بل هي دافع مهم للاقتصاد الوطني، لأنه كلما تحققت نسبة أكبر كلما كانت القدرة على إعطاء دفع أكبر للاقتصاد الوطني، مشيرا أن كل التوقعات الاقتصادية للجزائر، تؤكد تحقيق تقدم في المجال، يبقى في حاجة إلى تسريع الوتيرة لتحقيق حجم أكبر من الصادرات خارج المحروقات.
تسريع الوتيرة
من جهته الخبير الاقتصادي سليمان ناصر، أكد في تصريح لـ “الشعب”، أن الجزائر تسير في الاتجاه الصحيح في مجال الصادرات خارج المحروقات، لأن تحقيق رقم 3 ملايير دولار في السداسي الأول، يمكن أن يسمح لنا بالوصول إلى الهدف المسطر 7 ملايير دولار خلال السنة الجارية، ولِمَ لا رقم أكبر في حال اعتماد نفس الوتيرة؟.
وقال الأستاذ سليمان ناصر، إن ترقية الصادرات خارج المحروقات في الجزائر، خيار استراتيجي لتنويع مصادر الدخل والتغلب على التحدیات التي تطرحها السوق الخارجية وكذا مساهمتها في دعم النمو الاقتصادي، حيث أن الإستراتيجية الحالية تسير في هذا الاتجاه، إلى أنها تحتاج إلى المرور السريع الذي يسمح بتحقيق أرقام أكبر.
وفي قراءة لقيمة صادرات الجزائر، علق الخبير الاقتصادي عبر صفحته الرسمية على الفايسبوك، أن الجزائر سجلت فائضا في الميزان التجاري للسداسي الأول من السنة الجارية، وهنا يجب التفريق بين الأمرين، على اعتبار أنه بعد تسجيل الجزائر صادرات خارج المحروقات مبلغ 3.50 مليار دولار خلال هذا السداسي، أصبحت صادرات المحروقات تساوي 22.42 مليار دولار، وهو ما يعني أن هذه الصادرات إذا استمرت بنفس الوتيرة الحالية، ستصل إلى حوالي 45 مليار دولار.
ويتعلق الشق الثاني بالصادرات خارج المحروقات، فبعد أن تحقق تقريبا الهدف المسطر في العام الماضي وهو 5 ملايير دولار، يبدو أن الهدف المسطر هذا العام قابل للتحقيق “بالاعتماد على هذه الأرقام”، وإذا سار التصدير بنفس الوتيرة، وهو 7 ملايير دولار، باعتبار أن الرقم قد تحقق نصفه خلال نصف عام، يمكن أن يزيد الرقم بوتيرة متصاعدة، في انتظار الأفضل.
وصرح الأستاذ، أنها أولى الخطوات في الإتجاه الصحيح، ولكن كبح الواردات مقابل تحقيق الزيادة في الفائض التجاري يجب أن يراعي حاجة السوق الوطنية التي تنقصها سلع ضرورية ومهمة للمواطن، كما أن زيادة الصادرات بأي وسيلة يجب أن لا يسبب نقصا للسلعة المصدرة في السوق الوطنية.
وخلص الخبير، إلى أنه في حال تحقق رقم 54 مليار دولار صادرات محروقات و7 ملايير خارج المحروقات فستصل الصادرات إلى 61 مليار دولار، وحتى لو حققت الجزائر رقم 34 أو 35 مليار دولار واردات، فالفائض التجاري قد يصل إلى حدود 25 مليار دولار، وهذا الفائض في جزئه الأكبر قد تحقق في ظل ظروف جيو- استراتيجية، لذلك لا يجب استغلاله كإنجاز فقط، بل يجب التفكير في الاستغلال الأمثل لهذه الفوائض.