لا نقرأ تقريرا عن «الرقمنة بإفريقيا»، إلا ونجده يتطرق إلى ما يصفه بـ”الافتقار إلى أنترنت فائق السرعة”، و”عدم القدرة على التكيف مع معطيات التكنولوجيات الحديثة”، وكثيرا مما يصفه بـ”العوائق” أمام قارة، هي مهد الحضارات الإنسانية الأولى، وفق ما تعترف لها كثير من الدّراسات.
ولسنا ننكر أن القارة الإفريقية عموما، تعاني تأخرا كبيرا على مستوى تقنيات المعلوماتية، بل تعاني تأخرا على كلّ صعيد، إنسانيّا كان أم معرفيا، غير أن كتاب التقارير من الخبراء الغربيين، تعودوا على معالجة الإشكاليات المطروحة للدراسة، وفق رؤى تتمنع عن رؤية الأسباب الحقيقية، ولا ترى أمامها غير مصلحة الغرب، دون أن تعير الانسان الإفريقي انتباها، ولا تطلّعه إلى مقتضيات الحداثة.. لا أحد يتجرأ على الاعتراف بأنّ وضع إفريقيا، إنما هو نتيجة طبيعية لما فرضه الغرب الكولونيالي الذي ظلّ يتعامل مع إفريقيا باعتبارها مجرد خزينة للثروات المعدنية التي يحتاجها، ومفرغة بسيطة لحاوياته التي تدر عليه الأرباح، مع أنه يستفيد من العبقرية الإفريقية في كل المجالات العلمية، ويستنزفها من أجل تحقيق غاياته، تحت غطاء أوهام، يسميها تارة «حقوق الإنسان»، وتارة أخرى «حريّة التعبير» و»الديمقراطية»، ثم يمنع أيّ خيط نور عن القارة كاملة، فهو يحرص على تقديمها في صورة المنتج الأول للأمراض الفتاكة، والمصنع الأكبر للحرمان، حتى إن أحد الروائيين الأفارقة، قال إن «الغربيين يأخذون من إفريقيا كل ما هو هش وثمين، خوفا عليه من الأهالي».. ثم يضيف: «لماذا لا تأخذوني أنا.. أنا أيضا هش وثمين»..
ولسنا نشك بأن الأفارقة قادرين على رفع تحدي الرقمنة، حتى إن كانت الإمكانات بسيطة، غير أننا يجب أن ننبه إلى أن الواقع الرقمي يتيح لمن يمسك بزمام أمره، ما لا يتيح لغيره، لهذا، نحتاج إلى كثير من الصبر، وكثير من الجهد.. وهذا لا يعيي الإفريقي الذي تعود على الشمس..
محمد كاديك