عرف الإنتاج العالمي للمنتجات المائيات نمواً متزايداً في العقود السابقة، وساهم هذا النمو في تزويد الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية بمنتوج السمك وكل ما تعلق بتربية المائيات، ويصنف تربية الأسماك أو الاستزراع البحري كواحد من أهم الفروع تطورا في الآونة الأخيرة، كما تمثل الاقفاص البحرية الحديثة سواء العائمة منها أو المغمورة أحد أوجه هذا التطور في تربية الأسماك، و بالجزائر يبقى هذا الميدان حديث النشأة مقارنة بالدول الجوار أو دول الضفة الشمالية لحوض المتوسط، فالحديث عن تربية المائيات بالجزائر وإن برز خلال العشرية الأخيرة من القرن السابق، إلاّ أنّ تجسيده لم يتأتّى سوى في بداية الألفية الجديدة، وسط زخم من المشاريع المتعثرة في هذا المجال، بالرغم كل البرامج التي تغنت بها الحكومات السابقة، بيد أن سياسة الحكومة الحالية تبشر بتقويم للوضع ونمو مطرد لقطاع تربية الاحياء المائية بالجزائر.
يعرفُنشاط الصيد البحري وتربية المائيات بولاية بومرداس تطوراً ملحوظاًحجز له مكانة هامة في النشاط الاقتصادي للولاية الساحلية وسط البلاد، كما يضم جميع شعب الصيد البحري وتربية المائيات الموجودة في الوطن، فبالإضافة للصيد التقليدي في مياه البحر، تزخر ولاية بومرداس بمزارع مائية نموذجية ومتنوعة.
أوضح المهندس الرئيسي في الصيد البحري، المختص في تربية المائيات،معوش محمد أمين، بمديرية الصيد البحري ببومرداس أن تربية الأسماك،هو جزء من مجال واسع يعرف بتربية المائيات، الذي يضم تربية المحار، والطحالب، والجمبري.. الخ، مضيفاً أننشاط تربية الأسماك ينقسم إلى نوعين،الأول يتمفي المياه العذبة، والثاني في مياه البحر.
وكشف معوش،أنه في إطار تحيين ملفات المشاريع المتعلقة بالصيد البحري، فقد قامت مديرية الصيد البحري لولاية بومرداس بإلغاء العقود التي تجاوزت مشاريعها المهلة المحددة دون أي تقدم في الاشغال أو نية في التدارك، وهذا طبقاً لتعليمات وزارة الصيد البحري والمنتجات الصيدية، وأفصحضيف الشعب الاقتصادي عن إلغاء 27 مشروعاً في مجال تربية الأسماك داخل مياه البحر من أصل 54 مشروعاً مسجلاً، فيما اتخذت الإجراءات الأولية لإلغاء 14 مشروعا آخر.
وأضاف، أنه من بين 54 مشروعاً كان من المزمع تجسيده بالشريط الساحلي لولاية بومرداس، تم لحدّ الآن تجسيد 5 مشاريع لتربية الأسماك في الأقفاص العائمة، موزعة على ساحلي زموري وجنّات، بالإضافة الى هذا …… مصالح مديرية الصيد البحري ببومرداس مشروعا لتربية المحار بشاطئ صغيرات ببلدية الثنية.
وتطرق محدثناإلى تجربة أخرى في تربية الأسماك داخل الأحواض الإسمنتية المنشأة على البر، بالاستعانة بمياه البحر،عن طريق ضخها نحو الأحواض مع تجديد المياه بصفة دائمة، وهي التجربة التي تعثرت في السنوات السابقة بسبب وفاة صاحب مستثمرة ببلدية جنّات سنة 2016.
ويؤكد حباش حمزة،مدير الصيد البحري بولاية بومرداس أنه أعيد إحياء المشروع بعد تبني الديوان الوطني لتطوير تربية المائيات بالشراكةمع مستثمر خاص، مسؤولية إعادة النشاط، لـ26حوض بمساحة تفوق 1500 متر مربع، وقدرةإنتاج تصل إلى 4000 طن، بعدما كانت 1600 طن سنوياًفقط في الفترة السابقة.
وتثير مشاريع استزراع سمك القجّوج الملكي “la Daurad”اهتمام وزارة الصيد البحري، وهذا تماشياًمع برنامجها الرامي إلى النهوض بشعبة تربية المائيات في الجزائر، لذا تعكف عبر مديرياتها المنتشرة في مختلف ولايات الوطن الساحلية، على مرافقة جملة من المشاريع التي تسهم في توفير منتوج سمكي يلبي حاجيات السوق، ويسهم في خلق التوازن أثناء فترات انخفاض مردود الصيد البحري.
ومن بين المشاريع الجديدة التي تعول عليها الوزارة،مشروع استزراع سمك القجّوج الملكي بسواحل بلدية زموري بولاية بومرداس، إذيؤكد مهندس مديرية الصيد البحري ببومرداس، معوش محمد أمين وهو أحد المشرفين عليه، أنه يسير بوتيرة جيدة، خاصة بعد أن تم استزراع 1140 مليون من صغار أسماك القجّوج الملكي في اقفاص عائمة بالبحر بميناء زموري تابعة لمزرعة “فيش كومباني”، وهي نتاج شراكة جزائرية إيطالية، حيث تعد هذه التجربة رائدة بعد 7 سنوات من الغياب.
وأضاف معوش، أن الأقفاص والإصبعيات والأعلاف تمثل 70بالمئة من كلفة المشروع، والتي تكون في الغالب مستوردة من دولة إيطاليا التي تعتبر شريكاً للجزائر في هذا المجال.
الإدارة تدعم مشاريع تربية المائيات
من جانب آخر أوضح حمزة حباش مدير الصيد البحري، بولاية بومرداس، أن المراحل التي تسبق الانطلاق في أي مشروع لتربية المائيات تتعلق بالتحضيرات التقنية والإدارية، ليقوم بعدها مدير الصيد البحري بطلب حق الامتياز في تربية المائيات داخل الاقفاص العائمة لفائدة المستثمر.
وعلى إثره تقوم مصالح المديرية بالاتصال بالمستثمر من أجل إضافة الدراسة التقنية والمالية للمشروع (دراسة الجدوى)، لتحولها بعد الاطلاع عليها، للمركز الوطني للصيد البحري وتطوير تربية المائيات، المختص في المصادقة على المشاريع المقدمة، ويقوم المستثمربتحضير 9 نسخ من هذه الدراسة توزع على أعضاء اللجنة المحلية المخولة منح الامتياز بالولاية محل الاستثمار، مشيراً إلى أن اللجنة لا تمنح عقوداً في البداية بل مقررات منح الامتياز، من أجل ضمان حقها في إلغاء المشروع اذا كان هناك أي تجاوز من طرف المستثمر، الذي يشرع مباشرة في تجسيد مشروعه بعد حصوله على المقرر.
تضاريس الساحل الجزائري وتربية المائيات
ما يميز الساحل الجزائري هو مياهه الدافئة مقارنة بالضفة الشمالية لبحر المتوسط، وهو ما يساعد كثيرا على تربية المائيات، لكن وحسب معوش محمد أمين، فأن سواحلنا تتميز بأعماقها القريبة من اليابسة، وهو الامر الذي قد يتسببفي التأثير سلبا على عملية استزراع السمك في أحواض لا تبعد عن الشاطئ بأكثر من 5 كلم، حيث أن العمق المطلوب لوضع احواض تربية السمك يتراوح ما بين 25 و 40 متر، وهو ما يتوفر في الساحل الجزائري بمسافات قريبة من اليابس عكس البلدان المجاورة للجزائر.
وأضاف معوش انه وبالرغم من هذه الخاصية إلا أن العمل قائم على تشجيع المستثمرين الأجانب للدخول في شراكات مع نظرائهم من الجزائر لإنشاء مشاريع تهدف لتطوير تربية المائيات في الجزائر، وفق الهدف المسطر من قبل الحكومة التي أوصت بفتح مجال التعاون مع الأجانب خاصة من دولتي إيطاليا واسبانيا لتطوير هذا النوع من الاستثمار.
من جهته أوضح صاحب مكتب الدراسات لتربية المائيات ببومرداس، أمين سي بشير، ان التضاريس البحرية لسواحلنا تحمل بعض المعوقات الطبيعية في مجال تربية الأسماك، موضحا أنه وكلما كان موقع أحواض السمك بعيدا عن اليابسة كلما كان ذلك أفضل، للتقليل من انكسار الأمواج فوق احواض السمك، ناهيك عن مخاطر الاقتراب من الشاطئ وما يحمله من الاخطار البشرية خاصة في موسم الاصطياف.
ومن جهة أخرى يرى صاحبة مزرعة لتربية المائيات بغرب البلاد، في اتصال مع مجلة الشعب “الاقتصادي” أن كل ساحل وله خصوصيات في التضاريس والمياه، حيث يرى محدثنا أن تضاريس الساحل الجزائري مناسبة لاستزراع السمك، فمياه الساحل الجزائري لا تحتوي على الامراض مقارنة بساحل دول الجوار، كما ان التيارات البحرية القادمة من المحيط الأطلسي تمر عبر مياه السواحل الجزائرية وتعمل على تجديد مياهها بصفة طبيعية ودورية.
تربية الأسماك تسههم في تقليل فاتورة الاستيراد
قال محمد أمين معوش، ان هذا النوع من الاستثمار بإمكانه المساهمة في التقليص من فاتورة الاستيراد، وخلق فرص الشغل بالجزائر، بالإضافة الى إيجاد حل للتمويل في مثل هذه المشاريع التي تعزف الكثير من البنوك بالجزائر على تمويلها.
أوضع محمد امين معوش بأن الاعلاف والاصبعيات “صغار السمك” الموجه للأحواض من بين الأساسيات التي يتم استيرادها، مشيرا بأن الوضاية تعمل على مرافقة وتشجيع المستثمرين الراغبين في توفير الاعلاف الخاصة بتربية الأسماك، وانشاء أحواض خاصة لانتاج صغار السمك .
أسماك السدود والحواجز المائية
يعتبر الصيد القاري، أو الصيد في المياه العذبة إحدى البدائل التي تعتمد عليها الكثير من الدول في توفير منتوج السمك، خاصة بالنسبة للدول الحبيسة، وهي الدول التي لا تطل على البحر، لذا تجتهد في تعويضنشاطات الصيد والحصول على مصادر للغذاء السمكي عن طريق الصيد القار.
وبالنسبة للجزائر فبما أنها تزخر بساحل يناهز 1400كلم فإن ثقافة استهلاك سمك المياه العذبة، غائبة مقارنة بدول أخرى بالرغم من أن الفروق بين الأسماك التي يتم اصطيادها في البحر والاسماك التي يتم اصطيادها في المياه العذبة تكاد تنعدم خاصة من ناحية القيمة الغذائية.
وفي هذا السياق أوضح مدير الصيد البحري، بولاية بومرداس، حمزة حباش، أن مصالحه هي المخولة بمنح حق الامتياز للصيد في المياه العذبة سواء على مستوى السدود أو الحواجز المائية، بعد ان يتقدم المعني بملف لدى مديرية الصيد البحري، بالإضافة الى ترخيص من طرف الوكالة الوطنية للسدود والتحويلات الكبرى، مشيرا أن عملية الصيد هذه تتم بواسطة قارب الصيد وأدوات الصيد نفسها المعتمدة من طرف الصيادين في مياه البحر .
وأشار محدثنا أن أشهر أنواع السمك المتواجدة في المسطحات المائية هي سمك القاروص “Blak Bass”، وسمك السندر “Sander”، إذ يباع هذين النوعين بالمسمكات بطريقة عادية ولا يختلف طعمها عن أسماك البحر، بل أن القيمة الغذائية لهذين النوعين عالية جدا.
وأضاف محدثنا أن الوصاية تعكف دائما على تطبيق برنامجها الوطني المتمثل في استزراع المسطحات المائية، بما في ذلك السدود والحواجز المائية، مؤكدا ان هذا النوع من السمك بالإمكان أن يعطي قيمة إضافية للمنتوج المحلي من السمك من خلال توجيهه نحو الصناعة التحويلية.
التمويل والمحفزات
أكد مدير الصيد البحري حمزة حباش، أن جل المستثمرين يلجِؤون للاستثمار عن طريق التمويل الذاتي نظرا لعزوف البنوك على تمويل مثل هذه المشاريع الاستثمارية، وأضاف حباش أن المستثمر الذي يتقدم بملف للبنك من أجل الحصول على قرض استثمار في تربية المائيات سينتظر لمدة قد تقارب السنتين في بعض الأحيان، وبعدها يتم رفض الطلب، لذا يلجأ الكثيرون الى البحث عن مصادر تميول ذاتية
وأشار محدثنا إلى أن الوصاية على دراية بمشكل تمويل المشاريع الاستثمارية في نشاط الصيد البحري وتربية المائيات، وهي تعمد على إيجاد حلول فعالة وناجعة مثل المقترح الذي قدمه وزير القطاع في آخر زيارة له لولاية بومرداس، أين تحدث على ضرورة تنويع مصادر التمويل وعدم الاعتماد على مصرف واحد في تمويل مشاريع تربية الأسماك.
وأضاف حباش أنه وبعد قرار خفض الضريبة على القيمة المضافة من 19 بالمائة إلى 9 بالمائة لفائدة المنتجات الصيدية، تلقى اتصالات عديدة من قبل المستثمرين في القطاع، وهو ما يعكس الصدى الايجابي الذي تبع هذا القرار والمكاسب المنتظرة من قبل المستثمرين، وهو ما سينعكس على استقرار الأسعار التي تعتبر الهدف الأسمى من كل المشاريع التي تخص قطاع الصيد البحري وتربية المائيات.
وأكد مدير الصيد البحري والموارد الصيدية لولاية بومرداس، حمزة حباش، أن منطقة النشاطات الخاصة بقطاع الصيد البحري ببومرداس يرتقب أن تحتضن مشاريع متنوعة تهم القطاع، منها إنتاج الاعلاف الموجه للسمك، وصناعة أحواض تربية الأسماك، مشيرا إلى أن المنطقة لم تدخل بعد حيز الاستغلال في انتظار صدور قانون الاستثمار.
تسهيلات إدارية في انتظار تغيير نظرة البنوك للقطاع
تحتل مكاتب الدراسات حيزا بالغ الأهمية في مراحل انجاز ومتابعة كل مشروع في مختلف المجالات والميادين، حيث يبرز دور هذه المكاتب في دراسات الجدوى وإبراز الخطوط العريضة لنشاط تربية المائيات، سواء في مياه البحر أو في المسطحاتالمائية العذبةبطرق عصرية وحديثة.
وإلى جانب الدراسات التي تسبق كل مشروع تعمل مكاتب الدراسات الخاصة بتربية المائيات على متابعة المشاريع في هذا المجال، وتقديم أفكار واضحة لأصحاب المشاريع من أجل الأخذ بالمبادرة وترقية هذه الشعبة.
أوضح صاحب مكتب الدراسات المختص بتربية المائيات، ببومرداس، وممثل شركة كوداك الإيطالية لتربية الاحياء المائية، أمين سي بشير، أن صاحب مكتب الدراسات لا ينتظر قدوم أصحاب المشاريع من أجل استشارته فقط، وإنما ينبغي عليه عرض خدماته على كل مستثمر يملك مقومات النجاح، وهذا الأمر لا يستهدف الجانب التجاري بقدر ما يهدف الى المساهمة في النهوض بالقطاع وتربية المائيات بشكل خاص.
وأضاف سي بشير، أن أول محطة يقصدها الراغب في الاستثمار في مجال تربية المائيات هي مكتب الدراسات الخاص بالمجال، ودور هذا الأخير يشمل وضع المستثمر في الصورة وشرح جميع المراحل التي سيمر بها في حال ولوجه عالم الاستثمار في تربية الأسماك.
وأفاد بأن الدراسة تتعلق أولا بطابع المكان الذي يراد تربية الأسماك فيه (البعد عن الميناء، العمق، نوعية المياه..)، بالإضافة الى نوع السمك الذي يتلائم مع طبيعة المكان، كما أن الاستثمار في البحر يتطلب كذلك مساحات على البر تتعلق بالمستودع وأماكن لصيانة التجهيزات.
كشف ممثل شركة كوداك الإيطالية، أن 90بالمئة من مشاريع تربية المائيات التي تتقدم بطلب للمصرف من أجل التمويل يتم رفضها، فمشاريع الاستثمار في تربية المائيات تتطلب تمويلا أكبر من المشاريع الأخرى التي تعودت عليها البنوك، كما أن هذه الأخيرة تخشى المغامرة في مشاريع وسط البحر على حد تعبير محدثنا، مؤكدا ان هذه النظرة خاطئة وأي مشروع معرض للفشل مثلما هو مؤهل للنجاح.
وأفاد أمين سي بشير، أن من بين العوائق التي تم إزالتها من طرف الحكومة الحالية والتي لطالما شكلت حجر عثرة في وجه المستثمرين، هي الإجراءات البيروقراطية التي ميزت الفترة السابقة، خاصة فيما يتعلق بالملف الذي يودع لدى مصالح البيئة والتي تتسبب في تأخر المشروع بحوالي سنتين أو أكثر.
وأوضح أنه وفي الوقت الحالي تمت إزالة شرط أولوية الحصول على الترخيص من قبل مصلحة البيئة بالولاية محل الاستثمار، من اجل الانطلاق في المشروع، إذ صار من الممكن حاليا عمل كل الملفات في وقت واحد وبالتوازي مع الإجراءات الميدانيةالأولية لمشروع تربية الاسماك.
أوضح صاحب مكتب الدراسات في تربية المائيات، وممثل شركتين أجنبيتين في تمويل مشاريع تربية الأسماك، أن الجزائر تفتقد للخبراء والمختصين في مجال تربية الأسماك في أحواض البحر، مشيرا إلى أن هناك من يعتمد على الخبرات الأجنبية من دولة تونس المجاورة، من أجل توفير التقنيين والغطاسين المؤهلين لمراقبة وصيانة أحواض السمك.
تربية الأسماك.. مشاريع واعدة ومكلفة
تتميز مشاريع تربية الأسماك في مياه البحر بتكاليفها المرتفعة لكنها مدرّة للأرباح لذا فهي تستهوي المستثمرين لخوض تجربة خاصة اذا توفرت مقومات النجاح للمشروع، كالتمويل المصرفي أو التمويل الذاتي، بالإضافة الى رأس المال البشري.
يقول صاحب مكتب الدراسات لتربية المائيات، أمين سي بشير، أن مشروع تربية الأسماك ينبغي أن لا يقل عن 8 أقفاص من اجل ضمان وفرة المنتوج على مدار السنة، فالمجال يتطلب أقفاصا جاهزة دائما من أجل مواصلة عملية الاستزراع دون توقف خلال عملية بيع الأسماك الجاهزة.
وأضاف سي بشير، أن مشروعا لاستزراع الأسماك بثمانية أقفاص يتطلب العديد من التجهيزات لضمان نجاحه، فالمشروع يتطلب أحواضا مزودة بشبكة خاصة، وقاربا مجهز للتنقل بين الميناء والاحواض للمتابعة اليومية، بالإضافة الى فريق متكامل من التقنيين والغطاسين “من 12 الى 15 موظف”، ناهيك عن مستودع على اليابسة، كما أن الاصبعيات يتم استيرادها من دول أجنبية وهو مايرفع تكلفة المشروع الى مايفوق 200مليون دينار ” 20مليار سنتيم”
تربية المائيات ببني حواء بشلف أنموذج مثالي بخبرات محلية
تعتبر شركة ” المكروطارآكوا” لتربية المائيات ببني حواء بولاية شلف بغرب البلاد، واحدة من بين النماذج الناجحة في الاستثمار بأياد جزائرية و خبرات محلية في مجال تربية الاسماك، حيث شرعت الشركة السالفة الذكر في الاستثمار سنة 2015، أين باشرت في وضع الاقفاص والتأكد من توفير كل عوامل نجاح المشروع، قبل أن يتم استزراع إصبعيات سمك القجوج الملكي في 8 أحواض سنة 2016، لتحصد أولى ثمار العمل الجاد والمتميز سنة 2017،لكبر الطموح والسعي نحو توسيع المزرعة المائية بمعدل 8 أقفاص كل سنة، لتصل الى 32 حوض لتربية الأسماك وتتربع على عرش تربية الأسماك بالجزائر، كأكبر مزرعة مائية وبطاقة انتاج تصل الى 1600طن سنويا.
أوضح صاحب شركة تربية المائيات ببني حواء، المكرطار محفوظ، بأن هناك نقصا كبيرا في السوق لمنتوج السمك بشكل عام، والبديل الوحيد الذي يضمن استقرار الأسعار ووفرة العرض هو تربية المائيات.
وأشار المكرطار، أن ميزة السمك المسمّن في الأحواض، هو توفير المنتوج طيلة أيام السنة وفي جميع الأحوال الجوية، والأمر الثاني هو الثقافة الاستهلاكية لدى المواطن الجزائري الذي أصبح يميل لسمك الاقفاص ويقدر القيمة الغذائية لهذا النوع من السمك، وهو ما شجع شركة “المكروطارآكوا” ببني حواء، على المضي قدما في توسعة النشاط وزيادة الإنتاج كل سنة.
وأضاف محدثنا ان هناك دراسة جادة منأجل زيادة الإنتاج والوصول الى 64 حوض لتربية الأسماك، وهو ما يعادل قدرة انتاج تصل الى 3000 طن سنويا، خلال سنتين على أقصى تقدير، مشيرا الى أن الشركة تعتمد على خبرات محلية بالرغم من حداثة هذا النشاط بالجزائر، إلا ان هذه الكفاءات الوطنية استطاعت ان تفرض نفسها في السوق وتقدم نتائج مذهلة بشهادة حتى المختصين من دول أوروبية بالضفة الشمالية للمتوسط.
وكشف المكرطار عن رقم قياسي في دورة حياة سمك الاحواض يصل حتى 11 شهرا، بالإضافة الى رفع معامل التحويل الغذائي ” FCR” (Food Conversion Ratio) ليكون من بين أحسن معاملات التحويل الغذائي للسمك في العالم، وهو عبارة عن كمية الأعلاف المطلوبة لإنتاج كيلو غرام من السمك.
وعن سر نجاح الشركة قال محدثنا أن الأمر واضح وليست هناك أي وصفة خاصة سوى الوقوف على المنتوج منذ بدايته، والاهتمام والرعاية، بالإضافة الى توفير كل الوسائل الحديثة والتي تسمح بمتابعة المشروع تحت كل الظروف، مشيرا إلى أن تربية الأسماك تتطلب التنقل لمعاينتها بشكل يومي ومستمر باستثناء الظروف القاهرة والتي تتعلق بوضعية البحر وفقط.
وأفاد المكرطار أن المشروع في بدايته كان بتمويل ذاتي حيث انها تعتبر شركة ذات أسهم، لكن مشاريع التوسعة كانت بتمويل عن طريق البنك، فهذا الأخير لا يتوانى في دعم أي مشروع ناجح وكل حديث حول رفض البنوك تمويل المشاريع الاستثمارية في تربية المائيات تعود حسب محدثنا لضعف الملفات المودعة لدى البنوك.
وكشف المكرطار محفوظ، عن استعداد شركته لانجاح انتاج إصبعيات السمك “السمك الصغير الموجه للتسمين” هنا بالجزائر، مؤكدا ان فاتورة استيراد صغار السمك مرتفعة وتصل الى 1 مليون أورو سنويا في بعض مواسم الاستزراع في شركتهم فقط.
أوضح صاحب الشركة الأولى في الجزائر لانتاج سمك الاقفاص، أن وزير الصيد البحري والموارد الصيدية يقف شخصيا على دعم مشروع تربية صغار السمك بالجزائر، منوهابقرار خفض الضريبة على القيمة المضافة من 19 بالمائة إلى 9 بالمائة لفائدة المنتجات الصيدية، في سابقة هي الأولى من نوعها وتعكس مدى جدية القائمين على الحكومة للنهوض بقطاع الصيد البحري في الجزائر.