فتحت اكتشافات الغاز شرق المتوسط خلال العقد الأخير، باب مشاكل وأزمات كانت خامدة أو مؤجلة إلى وقت لاحق. سببت هذه الاكتشافات تنافسا بين دول المنطقة، واتضح ذلك في اتفاقات جديدة لترسيم الحدود البحرية، وما رافق ذلك من احتجاجات وتشنجات دبلوماسية بين وحدات سياسية تتقاسم العداء منذ قرون.
كشفت أعماق البحر الأبيض المتوسط الشرقي عن مخزونات كبيرة من الغاز الطبيعي، على سواحل فلسطين المحتلة ومصر وقبرص واليونان، وكانت بمثابة نافذة أمل خاصة وأن معظم دول المنطقة تعتمد بشكل كبير على استيراد مصادر الطاقة من النفط والغاز الطبيعي. إن استغلال هذه الآبار سيمكنها من تحقيق خروج من التبعية الطاقوية ولو جزئيا.
لكن قبل الخوض في الموضوع لابد من الإشارة على مفاهيم متداخلة نوضحها كالآتي:
المنطقة الاقتصادية الخالصة
تمتد المنطقة الاقتصادية الخالصة إلى 200 ميل بحري (370 كيلومترا) بحسب قانون البحار 1982، وهو اتفاقية دولية، حيث بإمكان الدول الملاصقة لها ممارسة بعض الاختصاصات. لكن من دون التأثير على الوضع القانوني لتلك المنطقة، على اعتبار أن المنطقة الاقتصادية الخالصة لا تخضع لسيادة الدولة الساحلية، وبإمكان الدولة المشاطئة إقامة جزر صناعية ومنشآت. إلى جانب الاستفادة من خيرات تلك المياه، لكن بشرط أن تعلن عن مشاريعها للدول الأخرى، وتسمح لها بممارسة حق الاستغلال في الصيد والبحث العلمي وحفظ الموارد الحية.
الجرف القاري
هو الامتداد الطبيعي لليابسة داخل البحار والمحيطات. وتقول المادة 76 من قانون البحار لعام 1982: “يشمل الجرف القاري لأي دولة ساحلية قاع وباطن أرض المساحات المغمورة التي تمتد إلى ما وراء بحرها الإقليمي (المياه الإقليمية) في جميع أنحاء الامتداد الطبيعي لإقليم تلك الدولة البري حتى الطرف الخارجي للحافة القارية، أو إلى مسافة 200 ميل بحري من خطوط الأساس التي يقاس منها عرض البحر الإقليمي إذا لم يكن الطرف الخارجي للحافة القارية يمتد إلى تلك المساف، وإذا كانت الحافة القارية للدولة الساحلية تمتد إلى أبعد من 200 ميل بحري، تحدد المعاهدة مسافة الجرف القاري في هذه الحالة في 350 ميلا (648 كيلومترا).
المياه الإقليمية
حسمتها اتفاقية جامايكا لعام 1982، جاء فيها أن “لكل دولة الحق في أن تحدد عرض بحرها الإقليمي بمسافة لا تتجاوز 12 ميلا بحريا (22 كيلومترا) بدءا من خطوط الأساس المقررة وفقا لأحكام هذه الاتفاقية، إذ إن من حق كل دولة ممارسة سيادتها على مجالها الإقليمي البحري، ابتداء من الأعمال الشرطية، وتحديد المراسم البحرية التي يجب على السفن البحرية اتباعها، وتنظيم الملاحة والتجارة داخلها، وتمتد السيادة إلى قاع البحر، حيث بإمكان الدولة الاستفادة مما يضمه قاع البحر واستغلاله. ونصت اتفاقية 1982 على أن سيادة الدولة تمتد إلى “النطاق الجوي الذي يعلو البحر الإقليمي وكذا قاع هذا البحر وما تحته من طبقات”.
اكتشافات الغاز شرق المتوسط
قدرت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، العام 2010، أن حوض بلاد الشام يتوفر على حوالي122 ترليون قدم مكعب من الغاز، 223 ترليون قدم مكعب في حوض الدلتا.
وهذه الحقول تقع داخل جغرافية منطقة شرق المتوسط، حيث يمكن تحديد موقعها قبالة سواحل قبرص وفلسطين المحتلة وغزة ولبنان ومصر.
فلسطين
ففي فلسطين المحتلة اكتُشفت مجموعة من الحقول الغازية، أهمها حقل “تمار” الذي يبعد حوالي 90 كلم عن مدينة حيفا، بمجموع 184 مليار متر مكعب.
يتوقع أن يوفر الحقل حوالي 30 بالمائة من احتياجات الكيان الاسرائيلي (على اعتبار أن من يستغل ثروات فلسطين المحتلة هو الكيان الإسرائيلي المحتل) من الغاز، وحقل “دليت” الذي يقع على مسافة 60 كلم عن مدينة الخضيرة، بطاقته الإنتاجية تبلغ 14 مليار متر مكعب.
وحقلا “ليفتان” وهما حقل “عميت” الواقع غرب حقل “تمار” بسعة 453 مليار متر مكعب والأخر حقل “راحيل” جنوب غرب “تمار”وبه نسبة تقل عن 50% من كمية “عميت”، وحقل “ألون” فيقع شمال تمار، وهو أقرب الحقول من الحدود البحرية مع لبنان.
مصر
في سنة 2015م اكتشفت حقل “ظهر” في مصر، ويعد أحد أهم وأكبر اكتشافات الغاز في المنطقة، يبعد الحقل عن الساحل المصري بـ 150 كلم، ويقدر احتياطه بـ 30 ترليون قدم مكعب،
قبرص
في ديسمبر 2009 اكتشف حقل “افروديت” في قبرص على بعد 180 كلم من الشاطئ الجنوبي الغربي بسعة حوالي 9 تريليون قدم مكعب من الغاز.
الضفة الغربية وقطاع غزة
اكتشف أول حقل للغاز سنة 2000، وقدر بـ 1.2 ترليون قدم مكعب. لكن لم يستغل الحقل نتيجة الاعتراض الإسرائيلي، لمنع انتقال عائداته إلى حكومة حماس.
حدود ونزاع
بين تركيا واليونان تداخل للحدود البحرية. وترفض كل منهما ما حازت عليه الأخرى. فاليونان رسمت حدودها البحرية مع مصر في 2003م، ولبنان في 2007م، والكيان الإسرائيلي في 2010م.
ورفضت تركيا الاتفاقات على اعتبار أن قبرص اليونانية ليست مخولة لتمثيل جزيرة قبرص كلها.
وردت قبرص التركية بتوقيع اتفاق ترسيم الجرف القاري مع تركيا في 2011م، وعليه حصل تداخل بين المناطق الاقتصادية لكل من قبرص التركية وقبرص اليونانية.
المصدر: https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2020/09/latest-2.jpg
لبنان والكيان الإسرائيلي
يدعي الكيان الإسرائيلي أن أجزاء من المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية تابعة له تحديدا المناطق (الموضحة في الخارطة ادناه بخطوط متقطعة بين فلسطين المحتلة ولبنان)، بينما يرفض لبنان اتفاق الترسيم بين الكيان وقبرص.
ووقع ثلاث عقود مع شركات دولية للتنقيب على الغاز: «توتال” الفرنسية و”إيني” الإيطالية و”نوفاتيك” الروسية، في الرقعتين 4و9 في المياه الإقليمية اللبنانية.
من جهته دخل حزب الله اللبناني كطرف في الصراع وهدد الكيان الإسرائيلي بالهجوم على بنيته التحتية للنفط والغاز في حال اعترض الاستكشاف اللبناني.
المصدر: https://arabicpost.net/%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1/2018/03/30/%D9%84%D8%B9%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%A7%D8%B2-%D8%A7%D9%83%D8%AA%D8%B4%D8%A7%D9%81%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%A7%D8%B2-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D8%AA%D9%87
اسيا قبلي