يكشف وزير الصّناعة الصّيدلانية لطفي بن باحمد، في حوار حصري لـ”الشعب الاقتصادي”، عن خطّة الجزائر في التعامل مع اللّقاح المضاد لفيروس “كوفيد-19″، مشيرا إلى إمكانية تصنيع اللّقاح في الجزائر، بعد موافقة الطّرف الرّوسي. ويتحدّث عن مخطّطات تّنموية لقطاع الصّناعة الصيدلانية، باستبدال 70 بالمائة من الواردات، بالإنتاج الوطني في آفاق 2022.
الشعب الاقتصادي: أبرزَ ظهور جائحة “كوفيد-19″، أهمية امتلاك صناعة صيدلانية رائدة، هل تخطّطون فعليا لبعث صناعة قويّة في هذا المجال؟
وزير الصّـناعة الصّـيدلانية لطفي بن باحمد: حقيقةً، إنّ جائحة “كوفيد-19” تشكّل درساً للعالم بأسره حول مدى أهمية وجود صناعة صيدلانية فعّالة تضمن لنا سيادة صحيّة.
خلال هذه الجائحة، شهدنا بعض الاضطرابات في التموين حول العالم فيما يخص بعض المواد الصيدلانية التي خصّصتها البلدان المنتجة لاحتياجاتها الخاصة، مثل الكشوفات المستعملة في التشخيص وحتى المواد الأولية.
بلغة الأرقام، كيف استطاعت الصّناعات الصّيدلانية المحلية تغطية حاجيات الجزائريّين طيلة مدة الجائحة التي لا تزال متواصلة؟
في هذا الشّأن، أخذت الجزائر كل الاحتياطات اللازمة، حيث باشرت منذ بداية الجائحة في اتخاذ جملة من التدابير منها:
– تعزيز المخزون الوطني من مواد أولية، خاصة تلك المستعملة في تصنيع الأدوية المخصّصة لعلاج المصابين بفيروس كورونا، وهذا باقتناء كميات كافية لتغطية الحاجيات الوطنية لمدة 6 أشهر على الأقل.
– تشجيع المستثمرين الجدد على إنتاج الكمامات والإسراع في اعتمادهم، حيث استطعنا رفع عدد المنتجين من 4 إلى 12 منتجا، الشيء الذي سمح لنا بالتخلي عن استيرادها.
– منع تصدير المواد الصيدلانية والمستلزمات الطبية في بداية الجائحة.
يعيش العالم هذه الأيام على أخبار اللّقاحات المختلفة الجنسيات، في هذا الشّأن اختارت الجزائر استيراد عدد من اللّقاحات، هل سيقتصر الأمر على الاستيراد أم سيتعدّاه إلى التّصنيع؟
تطبيقا لتعليمات السيد رئيس الجمهورية، اقتنت الجزائر اللّقاح الرّوسي في المواعيد المحدّدة، وتمّ توزيعه حسب المعايير المحددة من طرف وزارة الصحة.
فيما يخص تصنيع اللّقاح في الجزائر، فعلا، الطّرف الروسي أبدى استعداده لتصنيع اللقاح مع الشريك الجزائري، والغاية من هذه الشّراكة لن تقتصر على تلبية الاحتياجات الوطنية ولكن لتصديرها على المستويين الإقليمي والقاري.
في حال حصلت الجزائر على تصريح بتصنيع اللّقاح، هل سيتم التّوزيع في الدول المجاورة؟
تطوير الصّناعة المحلية ضرورة لكسب الرّهان، والرّهان هو استبدال أكبر نسبة من وارداتنا من الأدوية بالإنتاج الوطني ليبلغ 70 % في 2022، وهكذا سنقلّص من فاتورة الاستيراد.
30 % المتبقية عبارة عن منتجات تتطلّب نقل تكنولوجيا متقدّمة، والتي سيتم تغطيتها تدريجياً بفضل الشّراكات بين الشّركات متعدّدة الجنسيات والمتعاملين الوطنيّين.
يواجه المصنّعون المحليّون العديد من العراقيل والقيود التي تعيق تحقيق مشاريعهم، هل تفكّرون في تخفيف تلك المصاعب لكسب شريك صناعي مهم؟
لقد عاش المصنّعون المحليّون بالفعل فترة صعبة تخلّلتها عقبات وصعوبات تتعلّق بالمسائل البيروقراطية، مثل التأخير في إصدار القسيمة لدفع رسوم التسجيل أو الموافقة، وجدولة البرمجة للجنة الاقتصادية، التي تسمح بتسريع عملية التسجيل والسماح لهم بالدخول في الإنتاج.
في هذا الصّدد، ومنذ نشر المرسوم الذي يحدّد صلاحيات دائرتنا الوزارية، تمّ اتخاذ إجراءات عاجلة للتكفل بهذه الانشغالات، حيث منذ تبنّي هذه الإجراءات من طرف مصالحي ومصالح الوكالة الوطنية للمواد الصيدلانية، تمّ تكميل عملية التسجيل لحوالي 300 منتوج محلي، التي كانت معطّلة منذ سنتين بالنسبة للبعض منها.
يطرح توزيع الأدوية مشكلا كبيرا في الجزائر، هل تفكّرون في تقديم خطّة عمل جديدة في هذا المجال؟
لا يزال مشكل وفرة المواد الصيدلانية مصدر قلق كبير لقسمنا الوزاري، على هذا النّحو اتّخذنا جملة من التدابير منها قرار إنشاء مرصد اليقظة لتوفّر المواد الصيدلانية، بهدف ضمان استمرارية هذه الوفرة، من خلال تخفيف الصّعوبات والتوترات في التوريد مع مراعاة حماية الإنتاج الوطني.
يضم المرصد مختلف الشّركاء والفاعلين في القطاع، من متعاملين اقتصاديّين منتجين ومستوردين وموزّعين وجمعيات علمية طبية ونقابات، وكذا المجالس الوطنية للأخلاقيات لكل الاختصاصات المعنية بالمواد الصيدلانية.
وهذا المنهج المتّخذ من طرف وزارة الصناعة الصيدلانية منذ استحداثها، في إطار تنفيذ السياسة الصيدلانية المعتمدة والمصادق عليها، يرمي أساسا إلى العمل التّساهمي لكل الأطراف المعنية بمسار الدواء، قصد بلوغ الأهداف المسطّرة، وإعادة بعث الصّناعة الصيدلانية في الجزائر.
يكلّف المرصد لاسيما:
– باقتراح كل التّدابير الهادفة لرفع الصّعوبات التي قد يواجهها توريد المواد الصيدلانية.
– اقتراح التّدابير والإجراءات الهادفة لضمان المواد الصّيدلانية.
– اقتراح الإجراءات الهادفة لإثراء منصة المعلومات المخصّصة للرّصد التّابعة لوزارة الصّناعة الصّيدلانية.
كيف تتعاملون مع منافسة المنتوج الصّيدلاني الأجنبي، الذي غالبا ما يطرح من قبل مخابر رائدة عالميا؟
يتكوّن الإنتاج المحلي أساسا من الأدوية الجنيسة التي يتم تصنيعها وفقًا للمعايير الدولية، والتي تلبّي كل معايير الفعالية والسلامة مثلها ومثل المنتجات الأصلية التي تصنعها الشّركات متعدّدة الجنسيات.
ومع ذلك، هناك عادات استهلاك لإخواننا المواطنين الذين يميلون أحيانًا إلى المطالبة بعلامات تجارية معيّنة، لكن هذا لا يعني عدم الثّقة في الدواء المنتج محليًا.